بعد هذا الوقت الطويل من معاناة البشر في محنة من أشد محن التاريخ الإنساني، ومجزرة هي الأكثر مأساوية في التاريخ الحديث، اتفقت حركة حماس مع إسرائيل على وقف إطلاق النار في غزة بشروط معينة، من أهمها عملية تبادل الأسرى. واحتفل الكثير ممن بقوا على قيد الحياة بهذا الاتفاق، رغم حجم الدمار ورغم آلاف الشهداء الفلسطينيين. وقد تباينت الردود من قبل المهتمين بشكل أو بآخر بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي على المستويات المختلفة، فهناك من يرى أن ما قامت به حماس كان مغامرة حولت غزة إلى كومة من الحطام، وخلّفت آلاف الشهداء والمشردين والمعوقين، وأن ثمن هذه المغامرة كان باهظا جدا.
بينما يرد الطرف الآخر بأن الاعتداءات الإسرائيلية لم تكن ناتجة عن عملية طوفان الأقصى، ولكن العدوان الإسرائيلي اليومي هو أصل المشكلة، والمقاومة هي رد فعل للاحتلال والظلم وليس العكس، وأن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب عشرات المذابح في تاريخ الصراع دون سبب، وأنه لا سبيل أمام الفلسطينيين سوى المقاومة أمام انحياز القوى الكبرى في العالم للكيان المغتصب. ويقول هؤلاء إن إسرائيل خسرت هي الأخرى كثيرا جراء هذه الحرب الأخيرة، وأنها فشلت في تحقيق هدفها الرئيس من الحرب، وهو القضاء على حركة حماس، وأن حماس لقنت الجيش الإسرائيلي بكل إمكانياته دروسا قاسية في غزة، وهزت الكيان الإسرائيلي من الداخل، وأن مسألة الرهائن هزت إسرائيل بشكل عنيف وأوجعت حكومة نتنياهو.
ورغم كل ما يقال من هنا وهناك، فإن أهم وأخطر ما في الأمر هو أن أصل الأزمة لم يُحل، وبالتالي فإن ما حدث هو حلقة من حلقات الصراع المرير لا أكثر ولا أقل، وأن المشكلة باقية، والمقاومة باقية، وحماس باقية، وأن الصراع سيتجدد، والدمار سيتجدد، طالما أن الحق الفلسطيني لا يزال مسلوبا، والتعنت الإسرائيلي على حاله، وسوف تُعاد الكرة مرات ومرات.