العدد 5889
الخميس 28 نوفمبر 2024
خطاب الوزير وزير الخطاب
الخميس 28 نوفمبر 2024

يسعى معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية إلى دق الأجراس أمام المنعطفات الخطيرة، خصوصا عندما يتلمس الزوايا الحادة من المرآة العاكسة للشرق الأوسط، المرآة التي قد تتهشم لتستحيل الخبايا إلى شظايا على سجادات النوايا التي عادة ما تتدحرج من صالونات تحمِل الذاكرة التاريخية، إنها تتوحم على شهية طبخ التوترات، على أمل الجميع من عقلاء العالم أن الحَمل لا يُنتج حربا عالمية ثالثة.
معالي الوزير رجل يمتلك بوصلة دقيقة لمسار السفن السياسية المتراكمة على شواطئ الأزمات، والتي قد تنتج من طوفان أمواج الاستقطابات الحادة والاحتراقات المشتعلة في الإقليم من شهيات لا تنطفئ بالأزمات، مزيدا من وجع يتشظى على حساب جغرافية متألمة من النيات المنفلتة عربيا وعالميا.
في خطابه الأخير، كما هي منطلقات خطاباته السابقة، كان دائما ما يحذر بنكهة العارف بالتاريخ، ويدعو النأي بالنفس البحرينية، من باب (البحرينيون أولى بالمعروف) بحكم هم الأقربون عند انكسار القِربة والقِرب والقِراب في صحراء عطش السياسة التي عادة ما تخرج منها بلا قطرة ماء ولا قرابة، خصوصا عند ضياع المصالح الواضحة، وتوحش البرغماتية، ساعة تبلد الدبلوماسية وانفجارها لحروب، كما رأينا جميعا ما حدث بين روسيا وأوكرانيا.
تمساح الحرب خرج من النهر ويبحث عن اكثر من فريسة، لذلك تأتي أولوية ان تكون مصلحة البحرين هي العليا بعيدا عن مطابخ المزايدات أو الرقص على طبول أغاني لا نعرف نوتاتها.
نعم، الجوامع للعبادة وليست للسياسة.
ذاك هو مسار المدارس الكلاسيكية في البيت الديني، والتي أثبتت نجاح هذا المسار تأصيلا وأصولية وتأصلاً وأصالة.
دأبت البحرين مثالا -رغم التاريخ الطويل مع الغرب-عند اشتعال حرب روسيا وأوكرانيا أن تكون على مسافة آمنة من الطرفين بدبلوماسية حادة الذكاء لتمثل دور التقريب لا الصف في صفوف وسقوف الاصطفاف.
بحرينيا دعا الوزير إلى ضبط الخطاب والابتعاد عن التسييس.
بلا شك نحن في منطقة عربية، بل العالم كله على كف عفريت، وفي عالم شرق أوسطي كطنجرة بخار، ينتظر شرارة غير بريئة من سايكوباث القرار فتنتج الكارثة إذا ما ضبط العقل الإيقاع.
فوضع العالم ليس بحاجة إلا لعناق غاز التناقضات الدولية وتغطرس النرجسية فتحدث الكارثة.
دعوا البحرين بمنأى عن عفريت شبح الحروب خارجيا، ولنكن دقيقين في ضبط أي شعار بمقياس جغرافية الوطن ووفق مقاس مصالحه.
ويكفي البحرين تاريخ من المزايدات والمزادات.
لقد عمل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك 25 عاما لترميم الذاكرة وإنعاش الأمل لصناعة منطقة الآمان للمشروع والوطن والناس، ولنكن بحجم التحدي في الحفاظ على الأمن والأمان والأماني.
ختاما أقول: شكرا معالي الوزير.
حارس خريطة الأمن وأمينها، سيد البوصلة والبحر والسفينة، فخطابك الأخير كان بالفعل خطاب وزيرِ هو وزير الخطاب.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية