“الأسبوع المقبل سأزور بيت الله الحرام لأعتمر، وسأدعو عليه في الحرم”، هكذا كان ردّه، عندما شكا من تهرّب أحد العملاء من دفع قيمة العمل الذي كلفه به! إذ وبعد أن سلّمه ما طلب بدأ يراوغ، وأخذ “يلف ويدور” كما نقول بالعامية ليتنصّل من دفع ما تم الاتفاق عليه من أجر! أستغرب حقيقة، من أولئك البشر الذين يضعون رؤوسهم على مخداتهم، وينامون، بل ويسرحون هنا وهناك، من سفرة لأخرى أو من مطعم لآخر، ومن ورائهم أناس يطالبونهم بأجرتهم أو حقوقهم المالية، والتي بعضها قد تكون دنانير معدودات، غير مهتمين بأن لأولئك أكفًّا يرفعونها في صلواتهم ويدعون على من هضم حقوقهم واستلّ منهم رزقهم ورزق أبنائهم بالحيلة، “أنت الحين سوّه وبعدين أحاسبك”، وبعد أن يحصل على ما يريد أبلغ ما قد يُقال بالأمثال إنه سيكون “فص ملح وذاب”!
الدنانير المعدودة تلك، والتي قد يجدها البعض قليلة، هي في الواقع تعني الكثير لمن يضع الفلس على الآخر ليفي باحتياجاته واحتياجات من هو مسؤول عنهم، فهو في النهاية عمله ومصدر رزقه. وأن تطلب منه منتجًا كان أو عملًا حتمًا سيستنزف منه المال والجهد والوقت، وهذا يعني أنك استأجرته وعليك دفع أجرته، التي إن لم تكن قادرًا على دفعها وتحملها لا تطلبها من الأساس، وابحث إن شئت عن منتج أو عمل بقيمة أقل تتناسب مع حجم جيبك، بدلًا من النصب على خلق الله. بغض النظر إن كانت تلك دنانير معدودات أو حتى آلاف الدنانير، هي في النهاية حقوق الغير، ونكرانها أو اغتصابها أو التهرب عن دفعها لا يختلف كثيرًا عن سرقتها؛ وإن كان ذلك بعلم صاحبها!.
لأولئك أقول: هل يستحق هذا الاحتيال الذي تعتقد أنك ذكي عندما نصبت به على غيرك، أن تقف يوم الحساب أمام يدي الله لتُحاسب على دينار اغتصبته حرامًا من فلان أو فلانة؟ إن كان ذلك هيّنًا كما تعتقد؛ تذكّر قوله تعالى: “وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ” (النور 15).
ياسمينة: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.