العدد 5770
الخميس 01 أغسطس 2024
banner
محمد الماجد مات وهو لا يملك حتى رخصة سياقة
الخميس 01 أغسطس 2024

على جدار صالة البيت صورة الوالد رحمه الله لا تزال معلقة، وقد مالت إلى جانب، لكنها متشبثة بالجدار، وعندما طلبت من ابني محمد تعديلها كأهم وأجمل الصور التذكارية التي تعلق على جدران البيوت وتلامس عمق الجرح، سألني بعفوية.. لكنه سؤال كالخنجر في الخاصرة، “كم سنة مرت على وفاة جدي؟”.
أخذتني الدهشة وأخذ قلبي يدق بعنف وكأنني عائد من مكان بعيد، وبدأت أعد السنوات وقسوة الزمن.. لقد مر على وفاة جدك 38 عاما.. يا رحلة العمر القصيرة المؤقتة!
هل تعرف يا بني “سأعيد وفي الإعادة إفادة“ أن جدك محمد الماجد ذلك الصحافي العملاق مات وهو لا يملك حتى رخصة سياقة، باع عمره من أجل كل شيء بحريني رغم الفجيعة ومهرجان الحزن الذي كان في قلبه. كان بسيطا للغاية، قنوعا بالقليل، حنونا، لا ينفعل بسهولة، ويقدس الكتاب ويعتبره الكنز الحقيقي وليس المال، حتى أنه قال لنا أنا وشقيقيَّ “وليد” رحمه الله و “زياد”، والدكم لم يترك لكم أي مبلغ في البنك، لكنه ترك لكم ثروة أكبر من المال.. وأشار بإصبعه رحمه الله إلى مكتبته الضخمة التي تضم آلاف الكتب والعناوين التي أتشرف اليوم بأنني ورثتها عنه وأستزيد وأنهل منها العلم والمعرفة.
قبل وفاته بحوالي شهر أخذته مع أخي وليد إلى الهند لاستكمال علاجه، وعندما رجعنا وشعر بدنو الأجل رحمه الله كان يسمعنا كلاما وعبارات توحي برحيله. فمرة قال لي.. واصل القراءة والكتابة يا أسامة وأتمنى أن تكون كاتبا أحسن مني، وجاءت ليلة الخميس 11 سبتمبر 1986 لتنهي حياة علم من أعلام البحرين وتطوي صفحة إنسان عصامي لن يتكرر أبدا.. فرحمك الله يا والدي وأسكنك فسيح جناته، وها نحن على نهجك سائرون وعلى أمانتك محافظون.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية