كلما يتصل بي مواطن ويعرض مشكلته مع “الإسكان”، أصاب بحيرة وارتباك ولا أعرف ما هو السلبي والإيجابي في مثل هذه المواضيع، التي معظمها تحمل جوانب إنسانية تقف على بوابة القدر المجروح وتحتضن الأفق المرير، وبما أن قدرنا في الصحافة أن نحمل على عاتقنا أمانة الكلمة وعدم التقاعس عن أداء واجبنا إزاء كل مواطن يطرق بابنا، فلابد من سرد القصص التي ترتجف أطرافنا عند سماعها، خصوصا إذا كان طرفها امرأة كبيرة في السن محاطة بكل أمراض الدنيا وتبتعد شيئا فشيئا عن الحياة.
هذه المرأة تسكن مع ابنتيها، الأولى تبلغ من العمر 46 عاما والثانية 43 عاما، في إحدى الشقق بالعمارات الآيلة للسقوط المقابلة لوزارة الإعلام بمدينة عيسى، ولن أذكر التفاصيل التي سمعتها من إحدى بناتها عن مراجعة الوزارة “قسم ذوي الاحتياجات” والمدة الزمنية التي تم تحديدها للحصول على وحدة سكنية، ولا حتى عن مبلغ الـ 200 دينار الذي سيمنح لهن للانتقال إلى شقة أخرى، لكن ما يجعل المرء لا يستطيع وضع رأسه على الوسادة وإغماض عينيه براحة، هو ما تعانيه الأم المريضة من هذه الشقة حينما يتم استدعاء سيارة الإسعاف لها. فالعمارة ليس بها أي مصعد، ما يضطر رجال الإسعاف إلى حملها برفقة الدفاع المدني لأن وزن الأم يصل إلى 150 كيلوجراما، وهذه المأساة تجعلنا نسكت مع الساكتين ونشيح بوجوهنا أمام التقارير التي وصلت إلى اللجنة عن حالة الأم، وطلب باحثة لزيارتها لتضع المسافة بين السطور الطويلة.
لا يمكن فصل الرأس عن الجسد، ونحن نقول لا يمكن التغاضي عن هذه الحالة وغيرها من الحالات المشابهة، ووزارة الإسكان يفترض أن تكون دائما جاهزة لكل الأوضاع والمواقف والاحتمالات.
* كاتب بحريني