لم أستغرب مما حصل في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس، من سخرية بالمسيحية وظهور جراد المتحولين والشواذ والبوهيمية، وهذا الطراز من التفكير والسلوك الحياتي ومناخ الفسق والفجور والعبودية القاسية للملذات، فالانحطاط الأخلاقي أصبح عاملا أساسيا في تكوين الشخصية الأوروبية - إلا فيما ندر - وكأنهم يعيشون في العصور الغابرة. مجتمع مفكك ودعوات زائفة وتباغض وتنافر وتنازع بين شتى فئات المجتمع وجو صاخب وفتور أزلي في القيم والمبادئ، وكل الذي يستطيعه الفرد الأوروبي هو أن يحيا حياة العاجزين، لأنه صنع هكذا بعيدا عن الكمال، خلق جشعا أنانيا معتديا غليظا ونكدا، الصدام والعنف غايته.
والمشكلة التي تدعو إلى السأم واليأس هي أن الحكومات والمعتدلين ودعاة التنوير في المجتمعات الأوروبية تعودوا هذا الوضع وأصبح في نظرهم طبيعيا لا يستحق التغيير، لربما أن المتحولين والشواذ والبوهيميين يتمتعون بدرجة من القوة والنفوذ إلى الحد الذي يجعلهم يتحكمون في كل شيء وفقا لطريقتهم الخاصة، وحتى اعتذار منظمي دورة الألعاب الأولمبية ليست له أهمية بالوصف والتسجيل، لأنه أصبح في النهاية اعتذارا لا قيمة له ويحمل في طياته دمغة الخبث والدهاء والتلاعب على المستويين الخارجي والمحلي.
رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، شن هجوما لاذعا على حفل الافتتاح، لكنه “جابها صح” حينما انتقد ضعف الغرب وتفككه، وأضاف أنهم يتخلون تدريجيا عن الروابط الروحية والفكرية مع الخالق والوطن والأسرة، ما أدى إلى تدهور القيم الأخلاقية العامة في المجتمع، كما شاهدتم خلال حفل افتتاح الأولمبياد. أما مدير الحفل الفنان الفرنسي توماس جولي، فقد أكد في رده افتخارهم بعظمة الانحطاط حينما قال “إننا نعيش في بلد حر ولدينا الحق في حب من نريد”.
* كاتب بحريني