العدد 5762
الأربعاء 24 يوليو 2024
الكتب التي تصلنا كإهداء ليست للزينة
الأربعاء 24 يوليو 2024

عندما أدخل على الكثير من الأصدقاء في بيوتهم ومكاتبهم، تلفت نظري بحدة كتب مرصوصة فوق بعضها على شكل طبقات، وعندما أسألهم السؤال المعتاد.. هل قرأتم كل هذه الكتب التي أمامكم؟ يطفو بعضهم في توهج رقيق ويقول.. “تصفحت بعضها فقط من باب الاكتشاف”، والبعض الآخر مثل القطة التي تمكر، حيث يأخذك يمينا وشمالا، وفي النهاية يقول إنه لا يملك الوقت الكافي للقراءة وأن هناك متسعا من الوقت مستقبلا.
عن نفسي يمثل الكتاب مسألة وجود أساسية، وأي صديق أو زميل أذكره بالخير والطيب يهديني كتابا أضعه في قفص القراءة في مكتبي لأصطاده في نفس اليوم أو الذي بعده، ولا أتركه – أي الكتاب – يشعر بألم وحسرة الهجران، ويناديك لا تتأخر يا...، لا تغب عني كثيرا.
الكتب التي تصلنا كإهداء ليست للزينة، وكما يقول أستاذنا عباس محمود العقاد رحمه الله إن الساعات التي نقضيها بين الكتب ليست ساعات مقطوعة من الحياة معزولة عن الإحساس، وليست المكتبة عندي أيا كانت ودائعها بمعزل عن هذه الحياة التي يشهدها عابر الطريق، ويحسها كل من يحس في نفسه بخالجة تضطرب، وقلب يجيش، وذاكرة ترن فيها أصداء الوجود. الكتاب هو الحياة منظورة من خلال مرآة إنسانية، تصبغها بأصباغها، وتظللها بظلالها، وتبدو لك جميلة أو شائهة، عظيمة أو ضئيلة، محبوبة أو مكروهة، فتأخذ لنفسك زبدتها الخالصة وتعود بها وأنت حي واحد في أعمار عدة، أو عدة أحياء في عمر واحد.. ذلك هو الكتاب كما أحبه وأطلبه.
عندما يأتيك الكتاب إلى بيتك أو مكتبك يكون فردا من حياتك العائلية، ويجب أن يلقى الترحيب الحار وليس إهماله وركنه كقطعة لباس وصلبه على أسياخ النسيان. الكتاب أثمن جوهرة في الحياة.
*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .