العدد 5712
الثلاثاء 04 يونيو 2024
حراك بحريني في عمق آسيا
الثلاثاء 04 يونيو 2024

المناسبة.. قمة عربية صينية في بكين، أما الحراك البحريني فقد جاء في عمق العمق من آسيا، في عاصمة التقدم والتكنولوجيا الفارقة، في بلاد التنوير والذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، مملكة البحرين تترأس الدورة الحالية للجامعة العربية بعد قمة ناجحة بكل المقاييس، وجلالة مليكنا المعظم حفظه الله ورعاه لم يترك مناسبة إلا وكان حاملاً لها وللمجتمع الدولي العديد من الرسائل: الأولى: المحبة والسلام. الثانية: التعاون المشترك اقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا وفي مختلف المحافل والمجالات. الثالثة: رفض التدخل في شؤون الغير، وكذلك الحال بالنسبة لتدخل الآخرين في شؤوننا. الرابعة: رسالة تعايش مع شعوب الأرض كافة، والالتزام بمبادئ حقوق الإنسان وفقًا لمقررات الشرعية الدولية والشرائع السمحاء، والقوانين المرعية. أخيرًا: طرح مبادرات جلالة الملك على الدول المضيفة التي قدمها في “قمة البحرين” مؤخرًا بما فيها عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط.
وقد أثمر تحرك صاحب الجلالة الملك المعظم شراكة استراتيجية شاملة مع جمهورية الصين الشعبية، وإطلاق عهد جديد من العلاقات بين البلدين الصديقين، عهد يقوم على دعم مملكة البحرين للصين الواحدة، ودعم جمهورية الصين الشعبية لعدم تدخل كائن من كان في شؤون مملكة البحرين، عشر مذكرات تفاهم تم التوقيع عليها بين الجانبين في الاستثمار والاقتصاد والصحة والمناطق الصناعية والتجارة الإلكترونية والاقتصاد المعرفي والرقمي والفضاء والتعليم والإعلام، بالإضافة إلى التعاون فيما أطلق عليها سابقًا مبادرة الحزام والطريق. هذا الحراك البحريني جاء بعد رحلة طويلة قطعها جلالة الملك المعظم بدأت بزيارة لجمهورية روسيا الاتحادية، ثم انتهت بجمهورية الصين الشعبية ضمن المنتدى الصيني العربي، رحلة مكوكية يسعى صاحب الجلالة خلالها لكي يعمق العلاقات نحو الشرق.

وفي رقاب أمم مازالت تتفرج على أهلنا في قطاع غزة وهم يبادون جماعيًا، ويهجرون قسريًا، ويموتون سحقًا تحت أطلال كل شيء في القطاع المكلوم.
رحلة جلالة الملك نحو الشرق تؤكد أن العالم متعدد الأقطاب والمحاور لا يقف عند حدود الغرب، وأن قطار التحالف المعطوب مع العديد من الدول التي خذلتنا في دعم قضايا التنمية لدينا آن لنا أن نتركه حتى يستعيد دربه، وتعود إليه هيبته، بل وكلمته التي كان لها أكبر الأثر في دعم علاقاتنا الدبلوماسية معه طوال أكثر من نصف قرن.
إن العالم الجديد قد شهد تطورًا علميًا وتكنولوجيًا كبيرًا، وجمهورية الصين الشعبية بوصفها الدولة العظمى الأكثر تأثيرًا وريادة بهذا العالم أصبحت تلعب أدوارًا محورية شديدة الأهمية في دعم قضايانا المصيرية، خصوصا قضايا التحرر الوطني في بلادنا، والقضية الفلسطينية منذ الاحتلال الإسرائيلي الغاشم لأراضينا العربية في فلسطين ورفض ذلك الاحتلال حتى لمبادرة حليفه الأكبر بايدن بوقف القتال في قطاع غزة فورًا.
إن العالم كله يؤمن بعدالة قضيتنا، بحرية شعبنا، بإرادته في اختيار من يمثله في غزة أو الضفة أو أي مكان على وجه الأرض، من هنا كان تحرك مملكة البحرين بقيادة مليكنا المعظم نحو عمق الشرق الآسيوي قائما على عدة أمور أهمها أن يعود بدعم صيني كامل لمختلف قضايانا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومن بينها قضايا التدخل الإقليمي من بعض الدول في شؤوننا الداخلية، خصوصا تلك التدخلات التي تهدد أمننا الوطني، وتؤلب أصحاب الوطن الواحد على بعضه البعض.
هذا ما لمسناه في البيان الصيني البحريني المشترك بنهاية الزيارة المباركة لجمهورية الصين الشعبية، الأكثر من ذلك تلك الاتفاقيات التي لم تغفل المناطق الصناعية المشتركة، والتقدم العلمي الذي حققته جمهورية الصين الشعبية خلال العشر سنوات الأخيرة وتلك الحرية الاقتصادية التي تتمتع بها الدولة الصديقة في مختلف المحافل والمجالات.
الحراك البحريني نحو العمق الآسيوي جاء في وقت لا وقت فيه للمؤجلات، ولا مستقبل يرتجى لمن يتأخر على محطات الانتظار.

كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .