العدد 5705
الثلاثاء 28 مايو 2024
الصحافة الورقية (1)
الثلاثاء 28 مايو 2024

يبدو أن هذا المقال جاء متأخراً لأكثر من عشر سنوات، ويبدو مثلما يقال ان إكرام الميت دفنه، هكذا يتقول الكثيرون على الصحافة الورقية، لا يقتربون منها، ويروجون لإبادتها جماعياً، لضربها بالرصاص كما هو الحال بالنسبة للحصان منتهي الصلاحية، والكل في منطقتنا يعتقد بأن “السوشال ميديا” أصبحت بديلاً مؤثراً، والفضاء الإلكتروني الواسع أصبح مناخاً مواكباً في ظل الذكاء الاصطناعي لإنهاء تاريخ الصحافة الورقية، لمسحها من الوجود باعتبارها دليل تراجع وتخلف وعجز عن المواكبة. 
وكان يمكن أن نتفق مع كل ما يقال وكل ما يثار حول وضع صحافتنا الورقية العربية.. ضعف في المحتوى، عجز في المواكبة، غياب في أحلك الظروف، في المقابل نجد الصحافة الإلكترونية مواقع تعمل على مدار الساعة، سوشال ميديا على المحك وبالقدر نفسه، الصحافة الورقية لا تصل دائماً لكل الناس، في حين يصل كل ما هو إلكتروني لكل الناس، الإعلانات في الورقي عاشت عصرها الذهبي لعشرات السنين، وجلبت الملايين لصحف كانت ملء السمع والبصر، وساهمت في شهرة عمالقة في الفكر والآداب والثقافة والعلوم والفنون وغيرها. 
الصحافة العابرة للفضاء أصبحت هي البديل، بل وهي الخيار غير المكلف، لا مطابع ولا أحبار، ولا موظفين بالمئات أو الآلاف، حتى قيمة الإعلانات على المواقع لا تعادل قيمة وجبة فاست فوود، بينما تصل في بعض البلدان إلى عشرات الآلاف من الدولارات، أي أن الورق أصبح في بعض الصحف أكبر بكثير من وزنه ذهباً. 
اليوم لا وجه للمقارنة، انصرف العديد من المعلنين متذرعين بضعف المحتوى في بعض الصحف الورقية، بقلة المردود من هذه الصحف، بلا تسويق ولا تشويق للمعلن وبضاعته ومنتجاته وخدماته.
عشرات الصحف أغلقت أبوابها في عالمنا العربي، وأن أسماء ملء السمع والبصر قد توارت إلى الأبد وأهمها صحيفة السفير اللبنانية التي ذهبت، وأخذت معها رئيس تحريرها ومؤسسها المخضرم الراحل طلال سلمان. الصحافة المصرية أصبحت تعيش أسوأ أيامها والبحرينية بدأت تأخذ منحى إلكترونيا جديداً لتعويض ما فات من خلال منصاتها الإلكترونية ومواقعها الفضائية، وآليات عملها المتنوع الجديد. “المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”.
*كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية


 في جميع الأحوال بدلاً من غلق طريق الحياة أمام صحافتنا الورقية، وبدلاً من تكييل الاتهامات لها، هيا بنا كرجال في هذا الحقل المثمر البديع، لكي نمشي على خطا المنتقدين، لكي نسبر أغواراً جديدة لعلها تنفع وتذكر بالذي مضى، فالذكرى قد تنفع المؤمنين، وهيا بنا نطور المحتوى، ونركز على الأخبار ومقالات الرؤى القصيرة والحوارات المركزة والتقارير الجاذبة، والتنوع في الصورة والإخراج الفني بتقاطعاته وإحداثياته وأركانه ونقاطه الساحرة، لعلنا نحقق ما لم يتحقق، ونمر بقارب النجاة من أضيق منطقة حبلى بالفرصة الأخيرة، أية فرصة أخيرة.

كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .