العدد 5710
الأحد 02 يونيو 2024
دوامة البطالة
الأحد 02 يونيو 2024

يناضل الشباب أعوامًا يقضونها في الدراسة وطلب العلم، يعيشون خلالها تحت وطأة الضغوطات الدراسية والمادية، آملين في نهاية المطاف أن يحققوا أحلامهم في الحصول على وظيفة تليق بتخصصاتهم وتعوضهم سنوات الجهد والتعب؛ ليحققوا ذواتهم ويعدوا لمستقبلهم، ثم يفاجأون بعد أعوام من التخرج والانتظار بأن ما أملوه لم يكن سوى أضغاث أحلام، يناشدون المسؤولين عن تفسير لها، فيجيبونهم “ما نحن بتفسير الأحلام بعالمين”. حين يكون التعليم في بلداننا إلزاميا والتوظيف غير ملزم، ينجرف الشباب إلى دوامة البطالة التي تأخذهم بشدة لأعماق الانحراف، فما لا يتحصل بالكسب يتحصل بالعنف والحيلة. 
حالة البطالة الإجبارية التي يعيشها العاطل تصيبه بالإحباط والغبن، كما تجعله يشعر بأنه عديم النفع والفائدة؛ فيدخل في حالة من عدم التوافق النفسي والاضطرابات الشخصية نتيجة البطالة التي لا يقتصر تأثيرها السلبي على الفرد وحده، بل كثيراً ما تؤثر على أسرته أيضاً؛ فحين يكون العائل الافتراضي لأسرته متزوجا، تعيش الأسرة أجواء من التوترات النفسية والعصبية وسوء التوافق النفسي والاجتماعي، وسوء الأحوال المعيشية، لتنتشر حوادث السرقة والعنف اللفظي والجسدي نتيجة العوز والحاجة. البطالة هدر للوقت حين يقضيه الشباب في ممارسة النشاطات التافهة التي لا تعود عليهم بالنفع أو تجنح بهم نحو المعاصي والآثام.
إذا كان العاطلون عن العمل، قادرين عليه ويبحثون عنه، لكنّهم لا يجدونه لأسباب مختلفة خارجة عن سيطرتهم، رغم امتلاكهم الشروط التي تؤهّلهم للقيام به، فهذا يعد هدرًا للطاقات البشرية الشابة المنتجة.
نجد على الأرض واقعًا يؤهلنا (نحن) لإحصاء معدّل البطالة حين نرى بأم أعيننا نسبة العاطلين إلى مجموع القوى العاملة، أولئك الذين يربضون في منازلهم بانتظار وظيفة لا تأتي، فمتى نشهد حلولا لمعضلة البطالة تتمثل في جمع المعلومات والبيانات الدقيقة بنسب العاطلين، وتحليل المعلومات ووضع وتطبيق الخطط الاستراتيجيّة، وتقييمها من فترة لأخرى، مع الرقابة الصارمة على النّتائج، وردم الهوّة بين مخرجات التّعليم والتّدريب المهنيّ الفنيّ، ومتطلبات سوق العمل المتجدّد، واستبدال العمالة الأجنبية بالعمالة الوطنيّة، وكسر حاجز فرض الخبرة العمليّة، والتّلمذة المهنيّة، وإجادة اللّغة الإنجليزيّة، والحد من ظاهرة تشبّع سوق العمل بتخصّصات جامعيّة محدّدة، وسيطرة الأجانب على التّوظيف بالقطاع الخاصّ، بالإضافة للعناية بمشكلة النمو السكاني المتزايد الذي يعرقل خطط التنمية المستدامة في البلاد لينعم المواطن بحياة كريمة آمنة، وليرفل المجتمع في رغد من العيش.

كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .