العدد 5662
الإثنين 15 أبريل 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
إيقاف الحروب.. أو منع وقوعها
الإثنين 15 أبريل 2024

بعد أن تنفجر الحروب وتشتعل يبدأ العقلاء سعيهم إلى إيقافها وإطفاء نيرانها. لكن السؤال الأهم: أيهما أهم إيقاف الحروب بعد اشتعالها أم العمل على منع وقوعها؟
إن الحروب، كما السلام تصنع في العقول وفي النفوس أولا، لذلك فالرهان الأساسي هو على الثقافة والتربية معا، لمنع وقوع الحروب من الأساس، فإذا أردنا منع حدوثها وجب منع وقوعها في عقول الناشئة بداية، بحيث يمكن التأسيس لمفاهيم السلام والتعايش بين الشعوب والأديان والمذاهب، وهو الشرط الرئيسي للسلام في بعده الأعمق، وضمن شرطه الإنساني، فالحروب تنشأ من خلال غسل الأدمغة والتحريض واستحضار تاريخ الصراعات والأفكار المليئة بالمشاحنات التي يتربى وينشأ عليها الملايين من الأطفال والشباب في مختلف أرجاء العالم، من دون التوقف لحظة واحدة للانتباه إلى أن هناك مخارج وحلولا لمنع وقوع الحروب. إن العداء موجود والعوامل التاريخية ومقومات هذا الصراع وإمكانيات استحضاره موجودة، لذلك فلا أمل في تفكيك عقدها إلا من خلال التربية والثقافة والإعلام. وحري بالمثقفين والإعلاميين والتربويين، ممن يؤمنون بأن قدر الإنسانية أن تتعاون وأن تتعايش مع خلافاتها واختلافاتها، أن يواجهوا هذا الاتجاه المدمر الذي يعمل على تأجيج الكراهية الآخذ في الانتشار. إن البشر يعيشون اليوم بين ذكرى الحرب العالمية الثانية وأهوالها والتي فتكت بأكثر من 60 مليونا من بني البشر، وبين الخوف من اندلاع حرب عالمية جديدة تهدد الجميع وتفتك بهم، بأدواتها الأكثر تدميرا من الحرب السابقة. ولذلك وإذا ما أريد للصراعات المؤدية إلى حتمية الحروب المدمرة، لابد من الحد من النتائج الأكثر تدميرا للإنسان، والأكثر إذلالا لإنسانيته على صعيد العالم، والحد من الإفقار الذي تغرق فيهما مناطق وقارات بأكملها بسبب الفوارق المجحفة بين الدول والشعوب وبسبب الاستغلال والنهب. وقد نكون بحاجة ماسة أيضا إلى تعزيز الأطر المؤسساتية على الأصعدة الإقليمية والدولية وإنشاء المزيد منها لمواكبة أشكال الوفاق الدولي وتعزيز اللقاءات الدولية من أجل السلام، بما قد يسهم في بلورة توجه سلمي عالمي يعزز التوافق في مواجهة سياسات التوحش والحروب التي انتهجتها العديد من الدول الكبرى.

* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية