العدد 5658
الخميس 11 أبريل 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
ما لا يفهمه الاحتلال
الخميس 11 أبريل 2024


بعد مضي أكثر من ستة أشهر على الأعمال الشنيعة والانتقام المرضي الذي لا يفرق بين مقاتل وطفل، نجح الاحتلال الإسرائيلي فقط في تدمير وجه الحياة في غزة، وتحويلها إلى أرض غير قابلة للحياة فيها، لكن ما لا تفهمه إسرائيل أن التاريخ الإنساني يؤكد لنا أن المواجهات بين القوى الاستعمارية وحركات التحرر الوطنية عبر التاريخ الحديث والمعاصر، لا يمكن أن تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال، مهما كان الثمن باهظا، سواء بالتفاوض أو المقاومة المسلحة أو غير المسلحة، فالصمود الفلسطيني المستمر لأكثر من 75 عاما دليل على ذلك، فتصميم إسرائيل على القضاء على المقاومة أيا كان شكلها أو مكانها في الضفة أو في قطاع غزة لا يمكن أن يتحقق، ولا يمكن أن ينهي المقاومة اليوم أو غدا.
ما لا تفهمه إسرائيل وقياداتها الحالية، أن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يحل بالطرق السياسية، وليس بالوسائل العسكرية وتزوير الحقائق والكذب اليومي ونشر السرديات الخرافية وتجييش الرأي العام الغربي ضد الفلسطينيين والعرب، خصوصا أن المؤسسة السياسية الإسرائيلية بدأت تفقد ثقة مواطنيها بالرغم مما تفرضه أجواء الحرب من وقوف مع الجيش، كما بدأت تفقد ثقة المجتمعات الغربية نفسها التي كانت تساندها بشكل أعمى. حيث تمكن الفلسطينيون ومؤيدوهم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من التصدي للحملات الدعائية المنظمة التي غالبًا ما يتم هندستها نيابة عن إسرائيل في وسائل إعلام الشركات الغربية الكبرى، فتحليل المحتوى عبر الإنترنت على منصات التواصل الاجتماعي من قبل إحدى المنصات الإسرائيلية المتخصصة نفسها أكد أنه "بينما تم نشر 7.39 مليارات منشور بعلامات مؤيدة لإسرائيل على إنستغرام وتيك توك، تم في نفس الفترة نشر 109.61 مليارات منشور بعلامات مؤيدة للفلسطينيين على هذه المنصات"، وهذا يعني، أن وجهات النظر المؤيدة للحق الفلسطيني أكثر شعبية بـ 15 مرة من وجهات النظر المؤيدة للاحتلال، وهذا مؤشر واحد على تغير الرأي العام العالمي.
الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال في غزة سببٌ رئيسيٌّ لتدهور الرواية الإسرائيلية وانهيار مصداقيتها، بسبب الجرائم المروعة والقتل الجماعي والتهجير والتجويع لسكان لا يملكون سلاحًا ولا قوة للدفاع عن أنفسهم.. لذلك فالنظرة الجديدة التي بدأت تتكرس في المجتمع الدولي نحو الاحتلال باعتباره يمارس الإبادة بدأت تقود إلى تغير في المواقف الدولية حتى على الصعيد الرسمي أيضا.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .