العدد 5655
الإثنين 08 أبريل 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
حاجتنا إلى التفاؤل!
الإثنين 08 أبريل 2024

وصلني تعقيب من أحد الأصدقاء على مقالة الخميس الماضي (من خارج الحداثة وعلى هامش التاريخ)، جاء فيه: “لا تعجبني النزعة التشاؤمية في المقالة، فنحن بحاجة إلى ما يدخل السرور على قلوبنا والأمل على عقولنا. فليس صحيحا أنه لا شيء يتغير في بلادنا العربية، فالوطن العربي أصبح يسمى الشرق الأوسط الكبير، وأحيانا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا..، وهذا في حد ذاته تطور مهم! كما أختلف معك حول أن دوران الأرض حول الشمس وحول نفسها هو وحده الذي ينقل الناس من الليل إلى النهار، فنحن عالم سريع التغير ونواكب التحولات، نقتني آخر صيحات التكنولوجيا، ونمتلك ما يمتلكه الياباني والأوروبي من الهواتف والحواسيب والسيارات والطائرات..، وعندنا آلاف الطلبة يتخرجون من أرقى الجامعات، فهل يجوز بعد ذلك وصمنا بأننا عالم جامد لا يتحرك. إننا بالعكس من ذلك، نسير في طريق النمو بثبات. قد نكون تأخرنا قليلا، لكننا قادرون بإذن الله على تحقيق الأهداف، فدعك من التشاؤم وافتح نوافذ الأمل!”.
قلت للصديق: ليس التشاؤم مقصدي، ولا جلد الذات، لكنني لا أحب التفاؤل المزيف، أنا أتحدث عن تجربة جيل محبط. سقف تطلعاته كان أكبر من طاقة احتمال الواقع. فقبل نصف قرن تقريبا، كنا نتصور أن العالم العربي سيصبح وطنا موحدا كالولايات المتحدة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي على الأقل. وكنا نتصور أنه في زمن غير بعيد ستصبح أراضي السودان كافية لتغطية حاجات العرب الغذائية، وأن مصر ستكون أكبر إقليم للصناعات الحربية، وأن بلاد الشام ستكون أكبر إقليم منتج للسيارات، وأن إقليمنا الخليجي سيصبح أضخم إقليم ينتج الحواسيب وأجهزة التلفزيون، وأن المغرب العربي سيكون قادراً على تغطية حاجاتنا من الملابس والأجهزة الكهربائية والكتب المدرسية، وأن فلسطين العائدة إلى شعبها، ستكون أكبر منتج للعطور والشعر والرواية والسينما، لكننا كبرنا وكبرت الغصة في قلوبنا، وشاهدنا مواكب الفشل والتقهقر تتوالد موكبا وراء موكب. وأيامنا تمر وكذلك الأعوام كشريط كاسيت قديم. وعندما نصل إلى آخره نكتشف أن الشريط واقف، وأن الجهاز معطوب، وأن الكهرباء لم تصل إلى 70 % من القرى العربية. ولا يبقى لنا سوى أن نسأل الله حسن العاقبة.
كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية