العدد 5658
الخميس 11 أبريل 2024
banner
آباؤنا كذلك يفعلون
الخميس 11 أبريل 2024

كلما اقترب يوم العيد، وشارف شهر رمضان الكريم على الانقضاء، تذكرت دموع أمي - رحمها الله - وهي تتحسر على سرعة رحيل هذا الضيف العجول الذي يأتي سريعاً ويودعنا سريعاً. تبكي، لأنها تقدر كل دقيقة فيه، تبكي لأن أنفاسنا فيه رحمة ومغفرة، والحسنات فيه مضاعفة، وجوائز الله فيه تنهمر على عباده انهمارا، ويكفي أن فيه ليلة القدر التي هي عن ألف شهر. هذا طبعاً لمن يعلم ثقل هذا الشهر عند الله، لا من ينسل الشهر منه كما ينسل الماء من بين أصابع يديه، مضيعاً إياه في السهر، واللهو، ومتابعة المسلسلات والبرامج التي تغص بها القنوات.
دق الدفوف وقرع الطبول في الليالي الأخيرة من شهر رمضان، وأهازيج الفرح في احتفاليات وداع رمضان، لا توحي إلا بأننا فرحون بانقضاء هذا الشهر العظيم، كما لو كان ضيفاً بالكاد قرر الرحيل بعد أن ثقل بقاؤه. أودعت يوماً عزيزاً على قلبك - وتعلم أنك ربما لن تراه مجدداً - بالغناء والرقص وقرع الطبول؟ فبدلاً من أن نكون من (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (الرحمن 10)، في الأيام الأخيرة من هذا الشهر، ونسعى حثيثاً كي لا نضيع أية دقيقة متبقية منه؛ لنزيد رصيدنا عند الله ونكون من المقربين، وأصحاب اليمين، يندفع المندفعون إلى هذه الاحتفاليات التي إن انتقدتها جاءك الرد منهم كما قال الله تعالى: (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ) (الشعراء 74)! باعتبارها من العادات والتقاليد، والموروث الشعبي الذي تفتحت أعينهم وهم يرونه! الموروث الشعبي الذي يخالف العقل والمنطق وحتى الدين، لا يمكن أن نتمسك فيه، ونتعصب له، بل وليس من التحضر الذي يأتي بطبيعة الحال بالعلم، أن نتبع ما جاء به آباؤنا، ونعلم أبناءنا عليه ليستمر ويتأصل حتى يعتاد عليه جيل بعد جيل، ونحن نعلم أنه موروث يسيء لحرمة الشهر الفضيل ويضرب في قداسته عندنا كمسلمين. فهنيئاً، لمن ودع الشهر الفضيل بالدموع، والصلاة والدعاء وقيام الليل، فلا أحد منا يعلم في أية دقيقة سيُستجاب دعاؤه ويعتق الله رقبته من النار. 
ياسمينة:
كل عام وأنتم بخير وتقبل الله أعمالكم.


* كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية