العدد 5640
الأحد 24 مارس 2024
banner
العد التنازلي والمصير المتوقع
الأحد 24 مارس 2024

مصير حتمي طبيعي لأية مسيرة تقوم على الادعاء وهي بعيدة عن الحقائق وعاجزة عن التعايش مع ما تطرحه من أفكار، وعن تنفيذ ما تُطلِقه من وعود أو حماية ما ترفعه من شعارات مرحلية أو أضعف الإيمان الحفاظ على تماسك أركان بيت السلط، حيث كان أول سقوط مدوٍ لمنظومة ولاية الفقيه في تسعينيات القرن الميلادي الماضي هو اندحار عامل الثقة في تلك المنظومة كلياً بعد أكثر من عقد من التجارب المباشرة مع مختلف مؤسسات نظام الملالي، خصوصا المؤسسة السياسية التي بدت حماقاتها وجرائمها تتجلى للعيان وتطفو على سطح الحياة العامة بعد انتهاء الحرب مع العراق، وانتهاء مرحلة الصمت المرعب الذي أصاب المجتمع عقب مجازر الإبادة الجماعية بحق عشرات الآلاف من السجناء السياسيين الذين أصابت فاجعتهم كل مدينة وحي في إيران، وفي بعض الأحيان أتت هذه الفاجعة على عوائل بأكملها فقطعت نسلهم أو هددت وجودهم.
وبدأ المحك المباشر بين الملالي السلاطين وبين أبناء الشعب الذين صحوا بعد ما يربو على عقد من الزمان على أُكذوبة الولي الفقيه والادعاء باسم الدين.. الدين الذي لم يبق منه سوى بعض الشعائر والعقائد التي دأب عليها الناس، وقد مس بها الملالي وحجموها خصوصا بعد وفاة المرجع الديني آية الله العظمى السيد الكلبايكاني وآية الله العظمى الشيخ الآراكي في بداية عقد التسعينيات من القرن الميلادي الماضي على نحو مفاجئ، حيث خلت الساحة لخامنئي وفرضوه مرجعا دينيا دون مرجعية، ودون توفر شرط العلمية فيه. مرحلة تلو الأخرى وتجربة تلو الأخرى والحياة في ظل حكم إيران في تراجع، ولم يكن مستوى المعيشة وحده في تراجع بل كانت العقيدة السياسية في مقدمة هذا التراجع إلى اليوم، ومس هذا التراجع العقيدة الدينية في مقتل إذ تصاعدت الجرائم وحالات الإدمان والفساد الاجتماعي والعزوف عن الدين والعبادات وحالات الإلحاد.

كاتب عراقي متخصص في الشأن الإيراني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .