ماذا يعني أن يذهب مراهق في الخامسة عشرة من عمره إلى مركز خاص لطب الأسنان ويجري عملية تقويم لأسنانه بمفرده؟ كيف يُقدم الطبيب المعالج على إجراء مثل هذه العملية لهذا المراهق الذي يعد طفلًا بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية دون إذن ولي أمره؟ أليس من المفترض أن يمتنع هذا الطبيب عن إجراء هذه العملية، ويطلب من هذا الطفل مرافقة أحد البالغين من أفراد عائلته؟ والحصول على توقيعه على الموافقة على إجراء مثل هذا العلاج الذي يتطلب خلع أسنان وتركيب تقويم والاستمرار في المراجعة والعلاج لسنوات! أم أن القضية كلها “بزنز في بزنز”، طالما أن هذا المراهق يملك الكلفة المالية لهذا العلاج الجراحي التجميلي!
إن كان هذا المراهق متهورًا، وأخذ قرار إجراء عملية تقويم أسنانه دون علم أهله، على المركز الطبي عدم الانصياع لرغباته، فالطب أسمى من أن يكون تجارة، ينظر فيه الطبيب إلى الربح قبل الالتزام بأخلاقيات المهنة! ماذا لو كان هذا الطفل يعاني من مرض مزمن، وحدث له نزيف، وتأثرت حالته الصحية من فقدانه الدم؟ ماذا لو كان والداه لا يملكان ميزانية كافية للاستمرار في عملية التقويم؟ وأنهما أجلا هذا العلاج التجميلي لوقت لاحق، وجاء هذا المراهق وبالتعاون مع هذا الطبيب - التاجر - بوضع الوالدين أمام الأمر الواقع للالتزام بهذه المصروفات! وماذا لو تسبب خلع تلك الأسنان قبيل البدء بالتقويم بمشاكل صحية لهذا الطفل أو كان وبشكل من الأشكال ضحية لخطأ طبي ما! من سيتحمل حينها الوزر؟ الطبيب؟ أم سيحاسب هذا المراهق على فعلته الرعناء تلك، التي ما كانت لتتم إلا بالتواطؤ مع هذا الطبيب الذي وافق بكل ترحاب على إجراء ذاك التقويم، فالطبيب - وكما يبدو - لم يفوت على نفسه فرصة الحصول على مراجع جديد في مركزه! وإن كان طفلًا لم يخط له شنب بعد!
على الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية (نهرا) أن تضع قوانين تحد من متاجرة البعض بالطب، وألا تقبل بعلاج الأطفال دون مرافقة أحد من أهاليهم.
ياسمينة: للطب أخلاقيات.
* كاتبة بحرينية