إننا بلا شك نخوض الكثير من التحديات في مسيرة الحياة، ونتفق بأن المحطات الصعبة التي يتوقف عندها قطار أعمارنا هي المحطات التي تعيد تشكيل أعمارنا وتصقل شخصيتنا على افتراض أننا نتعلم بقدر ما نتألم، فهذه القاعدة باتت من أهم القواعد التي تتطلب الوعي، والتي تحتاج إلى تكرار كثير في حقول المعرفة والتنمية الذاتية وفصول التربية والعلاج النفسي كذلك، وهنا لابد أن ندرك أن هناك تفاوتا في إدراك بعض مضامين التنمية الذاتية، فهي لا تترك الأثر المتوازي لدى جميع العقول، خصوصا أن هناك من يكون لديه استعداد للتغيير والتقبل والمحاولة، وهناك من يقرر أن يغلق أبواب حياته للأبد وقد لا يسمح حتى بنفاذ الضوء لإنارة العتمة، إن هذا التفاوت طبيعي لاختلاف صورة الذات لدى الأفراد واختلاف شخصياتهم ومدركاتهم العقلية، واختلافهم في الاحتياجات واستيعاب الصدمات والقدرة على النهوض من جديد.
إن التأكيد على أهمية صورة الذات السوية من الأمور التي تساهم في الاستمرار بثبات، وتعد المحفزات الإيجابية من مقومات تحسين صورة الذات، لكن لا يعول عليها فقط في إمكانية التحفيز والمضي للأمام، خصوصا إذا لم يتمكن الفرد من علاج الداخل أولاً وإحداث حالة من التوازن في الذات المبنية على النظرة الواقعية، إن الإيجابية المطلقة قد تسبب الضرر على المدى البعيد، خصوصا أنها تروج لصناعة صورة غير واقعية عن الذات وتكرس اللهث وراء الماديات أكثر من المعنى، ولا تتيح فرصة لتحسين صورة الداخل، لذلك لا يجب إغفال التوازن الذاتي كذلك لتحسين صورة الذات وذلك في جميع الإنجازات، والأمر قد يتطلب أحياناً الوقوف الاضطراري للمراجعة والتقييم وإعادة بناء الذات لتكون في صورة وأقرب للواقعية من المزيفة التي تجر خلفها الكثير من الحسرات والاضطرابات. 
* كاتبة واختصاصية نفسية بحرينية