العدد 5444
الأحد 10 سبتمبر 2023
banner
3 رسائل
الأحد 10 سبتمبر 2023

1 - وقف مدرس الفصل طالبا منا فتح الكتاب، ثم قال الجملة الساحرة التي أسكرتني كما لم يسكرني حب أية فتاة في حياتي، قال (اشطبوا معايا على اللي هييجي في الامتحان)، شخص ما يحررك من بعض المسؤولية بلا مقابل، ويمنحك مقابل كل مللي يمحوه من المسؤولية الملقاة فوق كتفك مللي سعادة، ظلت الجملة مفتاح تعاملاتي مع الكوكب طول الوقت، بالذات في علاقاتي الشخصية، لا أتعامل مع البني آدم بالجملة أتعامل فقط مع (اللي هييجي في الامتحان)، فأتحرر من ثقل بعض عيوبه لأنني حذفتها، تعلمت أن أضع بنفسي امتحانات العلاقة حتى أسيطر على (اللي هييجي فيها).


2 - كانت أمي عندما ترسلني مشوارا ما تقول لي (رجليك ما تعلمش على الأرض)، ظللت لسنوات طويلة أذهب لشراء العيش من الفرن كراقص باليه، لكن عندما كبرت عرفت أنني أدين بكثير من الفضل لأمي بسبب جملتها، صار عنوان مشاويري في الحياة كلها (رجليا ما تعلمش على الأرض)، أتحرك بخفة ولا أترك الفرصة لأي شيء أو شخص أن يأسرني، تعلمت ألا تصبح لي جذور في أحداث أو أماكن أو مع أشخاص سأغادرهم أو سيغادرونني يوما ما بطبيعة الحال والأحداث، بفضل أمي أصبحت شخصا لا يعاني من اقتلاع الجذور عند الرحيل، بفضل أمي نجوت من آلام الفراق.


3 - النوم بالنسبة لي كبيرا مغامرة، يصعب توقع ما سأصادفه بعد قليل، تشغلني المسألة فعلا قبل النوم، وأحاول أن أتحاشى كل ما سيقودني إلى كوابيس تنتهي بمطاردة كلاب ضالة في شارع نصف مظلم، أو أشخاص راحلين يعانون من مأساة ما، أو ضياع مفاجئ للصوت أو القدرة على الحركة.. ليست كوابيس التي تطاردني، لكن مشاهد مركبة شديدة التعقيد، أصحو مشغولًا بالبحث عن معناها، لا أجد في الماضي عادة أمرًا له علاقة بالحلم، لذلك أظل طوال الوقت في انتظار ترجمة المستقبل لما رأيته أثناء النوم، كان خالي في العناية المركزة، ونمت، حلمت أننا في ملعب كرة قدم كبير، هو يلعب دور الجناح الأيمن وأنا رأس الحربة، لا أحد غيرنا في الملعب، كل مرة يرفع الكرة عرضية وأقفز لأسددها برأسي فأفشل، يكرر اللعبة ثم أفشل، يطلب مني ألا أتوقف، يكرر العرضية فأفشل في إحراز هدف، وهكذا حتى وجدت خالي ينسحب محبطًا قائلًا (مفيش فايدة)، كانوا يحاولون إفاقته في الوقت نفسه، مرة ثم أخرى، ثم أخرى، ثم (مفيش فايدة)، رحل في اللحظة نفسها التي أفقت فيها أفكر في معنى الحلم.


كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .