كثيرا ما نؤكد ونحن نعيش لحظاتنا أن هذه اللحظة ستتحول لذكرى بعد مضيها، وكأن كل ما نفعله هو توثيق لحظاتنا لأنها ستصبح ذكرى في زمن ما سنعيد استرجاعها، إن مرورنا بالمواقف والأحداث وتفاعلنا مع ما يجري حولنا جدير بتشكيل ذكريات جمة، ها نحن نحتفظ ببعض ذكريات الطفولة المحفورة في أذهاننا والتي قد لا تغيب على الرغم من مرور زمن طويل، كذكريات أيام المدرسة ورفقة الحي ومكان السكن وبعض وجوه الجيران والأحداث المؤثرة حينها.
ويعد موضوع ذكريات الطفولة أحد المواضيع التي تحمل صبغة جدلية في علم النفس وعلم الأعصاب من خلال طرح مجموعة من النظريات المفسرة لما يحدث في الدماغ، ويصف العلماء أن “المحفز للذاكرة يتم من خلال آليتين إدراكيتين: التذكر والتعرف”، ولعل هذا ما يحدث معنا أحياناً ونحن في مراحل أعمارنا المختلفة، حيث تأخذنا موجة التذكر إلى ذكريات عاطفية على سبيل المثال استقرت في العقل اللاواعي فنشعر وكأننا قريبون من الأمس ليمر علينا شريط الذكريات بنفس الشعور وبعمق الإحساس فيتضاعف الحنين إلى ذاك الزمان. وبنفس تأثير الذكريات الجميلة التي تلامس شغاف أرواحنا أحياناً هناك تأثير للذكريات الصادمة التي فيها كثير من الإساءة التي لا تنسى وتظل حبيسة الذاكرة، ولعل هذا ما يؤكد عليه علماء النفس دائماً بأهمية أن تمر مرحلة الطفولة بأقل ضرر نفسي وبسلام حتى لا يتم استدعاء الإساءة بدافع التذكر في المراحل العمرية المتقدمة ويؤثر ذلك على تطور ونمو الشخصية.
نحن في مختلف أيامنا وأعمارنا نصنع ذاكرة على اختلاف ألوانها، لكننا بشكل غير مقصود سنظل أسرى لذكرياتنا الجميلة المحفزة لأرواحنا مهما مر عليها الزمن. 
كاتبة واختصاصية نفسية بحرينية