العدد 5373
السبت 01 يوليو 2023
banner
عودة الوعي للمسرح العربي
السبت 01 يوليو 2023

لم يكن وعيا مفقودا حتى يعود ذلك التألق للمسرح العربي، (أبو الفنون)، وأهم ما أنجبته البشرية من مطارحات إنسانية وما عرضته من قضايا تاريخية منذ المسرح الروماني، ومسرح شكسبير وبرنارد شو، حتى بزوغ شمس الحضارة العربية الحديثة مع مطلع القرن العشرين وسطوع نجومية عدد كبير من الفنانين العرب، أمثال جورج ودولت أبيض ويوسف وهبي ونجيب الريحاني وعلي الكسار وإسماعيل ياسين، حتى جاءت حقبة الستينيات بعمقها وزخمها السياسي ومدها القومي العروبي، فأصبحت لمسرح الدولة أنياب وأظافر، وخرجت من عباءة المسرح القومي المصري أسماء استثنائية أمثال سعد أردش وسميحة أيوب وكرم مطاوع وسهير المرشدي وزكي طليمات وحمدي وعبدالله غيث وغيرهم كثيرون ممن ملأوا حياتنا فنا وجعلوها أزهى وأبهى.
التنوير المسرحي العربي لم يقتصر آنذاك على أرض الكنانة، لكنه تجاوز الحدود ووصل على يد أحد أعمدة المسرح المصري زكي طليمات إلى دولة الكويت الشقيقة ليخرج جيلًا عبقريًا من المسرحيين الكويتيين الذين استفادوا من مناخ الحريات في ذلك الوقت، فتخرج من مدرسة طليمات مبدعون كويتيون أمثال عبدالحسين عبدالرضا، وإبراهيم الصلال، وخالد النفيسي وسعاد عبدالله وحياة الفهد وأسمهان توفيق وهيفاء عادل وغانم الصالح وغيرهم ممن كانوا قد ملأوا السمع والبصر وأصبحوا أيقونة عصرهم وشعبهم وأمتهم، إلى جانب التجارب البحرينية التي خرجت من كنف منظومة ثقافية لها تاريخ، فخرج مسرح أوال المسرح الوطني الخاص، وبرز نجوم مثل سعد الجزاف وعبدالله الجراف وأم هلال " سلوى بخيت" وغيرهم من الأجيال الشابة المتعاقبة. 
بعد ذلك مرت سنوات عصيبة على المسرح العربي الرسمي بعد أن عجز المسرح الوطني الخاص عن ملء الفراغ، وهدأت البحيرة النشطة من فوق اليابسة، لسنوات طويلة ربما، لكن اليأس لم يتسلل إلى مبدعينا وصناع القرار لدينا، فها نحن اليوم أمام استفاقة جديدة من عاصمة الفن العربي مصر، وهاهو عيد الأضحى المبارك يحل علينا ووزارة الثقافة المصرية تخرج علينا بجرعة إنقاذ لما كنا نعتقد أنه مصاب بسكتة دماغية، إنعاش ممتد على كل مسارح الجمهورية، إعادة الحياة لمسارح قصور الثقافة، استحداث ما يسمى بمسرح بدائل العشوائيات في ١٤ منطقة، وتولت وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني بنفسها الإشراف على إعادة التأهيل وإطلاق التجربة الحية من خلال ما يسمى بمسرح الشعب في كل محافظة مصرية، هو غيض من فيض وخطوة عبقرية على مشوار الألف ميل، وبداية لا نهاية لها من أجل أن يعود الوعي للمسرح العربي، والجمهور إلى ضالته المنشودة.

كاتبة مصرية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية