العدد 5338
السبت 27 مايو 2023
banner
متى يكون الرجل "عانساً"؟
السبت 27 مايو 2023

تختزن مفردة "العنوسة" في طياتها الكثير من الهموم والقلق وسوء الحظ، وتأخذ العنوان الأبرز لمن "فاته" أو "فاتها" القطار وتجاوز العمر سناً معينة دون أن يكون هوَ أباً أو تكون هيَ أمّاً بعد أنْ استُخْدِمَ وصفاً للذكر والأنثى ممّن تعدّوا أو تقدّم بهم سنّ الزواج المتعارف عليه اختيارياً أو إجبارياً فرضتها الظروف التي (قد) تمنعهم من الزواج أو تحرِمهم منه نهائياً لأسباب اقتصادية للمهور المرتفعة أو أسباب اجتماعية للعصبيات المتوارثة أو أسباب شخصية للرغبة بالاستقلالية وسباق إثبات الذات والخوف من الفشل بما تعنيه في نهاية المطاف من دلالات واضحة على طولٍ مُبالَغٍ لفترة العزوبية وارتباطها بحالات فردية سابقة، إلى أنْ تحوّلت حاضراً إلى ظاهرة اجتماعية وُصِمتْ فيها البنت وحدها بعد أنْ جرت العادة أن تكون وصفاً مُلازماً (غير مُنصفٍ) لها دون الذكور، لما رسّخته الأفكار الذكورية التي سلّمت بأن تأخرّ الرجل في الزواج لا يُعيبه، فيما النظرة مُغايرة للمرأة حين تُصَنّف بـ "العانس" إذا ما تجاوزت سناً معينة!
على الرغم من أن بعض الفتيات يجدن في العنوسة كابوسا حقيقيا يُشعرهن بالحزن والاكتئاب، والشعور بالغربة، والإحساس بالدونية والفراغ النفسي والانعزال الكلي عن أجواء الحياة الاجتماعية بأفراحها وأتراحها خشية السخرية والتجريح، إلا أنّ النقيض فى أخريات يستطعن التعامل معها كخيار يستوجب التأقلم. وفي الحالتين تظل – أي العنوسة – تدفع بآثارها الخطيرة على استقرار الكيان المجتمعي في صور تشكيل العلاقات خارج الزواج باعتبارها حلاً لعقدة الزواج وتجنّب الشعور الخانق الذي تنعكس تبعاته على العلاقات الاجتماعية والمهنية على كلّ من الرجل والمرأة دون تفريق. وهذا ما يستوجب (إلغاء) هذا الإرث الثقيل على النساء، والذي ظل مُلاصقاً باللائي اقتربن الثلاثين من أعمارهن، ويعُمّ بعدواه قوم الرجال الذين أشرفوا على الأربعين دون زواج – إجباراً أو اختياراً - وقد غزا الشيب لحاهم وبدت تجاعيد أعناقهم.

نافلة:
لم تعدّ العنوسة "لقبا نسائيا" وحصراً على الفتيات اللائي تجاوزن سنّ الزواج، بعدما كشفت الإحصائيات تلك الأعداد من الشباب الذين تجرّعوا ذات "الكأس المريرة"، التي أُشبِعَت منها الفتيات تسقيطاً بأوصاف قدحية قبَالَ مَنْ تجاوز من الرجال العقد الثالث دون رباط زوجي لعلّة تتأرجح ما بين صعوبات اقتصادية وظروف اجتماعية متشابكة تُنذر بخطرٍ قيّمي وأخلاقي عقيم وسط موروث اجتماعي (يرفض) الاعتراف بعنوسة الرجل القادر على الزواج في أيّ وقت شاء وفي أيّ عمر أراد.


ويكفينا ما نسبته (20 %) من الرجال في البحرين دون زواج أو رغبة فيه، مُبتغين انطفاء مصابيح الحياة وخراب الدِّيار وقبض العفاف وسوء المنقلب!

كاتب وأكاديمي بحريني
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .