العدد 5316
الجمعة 05 مايو 2023
banner
لا تخدعنا القوة الإيحائية للصور
الجمعة 05 مايو 2023

يحتل الكاتب الفرنسي أندريه مالرو مكانة مهمة في الأدب العالمي، فهو صاحب مواهب متعددة، ومغامر لا يستطيع أن يمكث في مكان فترة طويلة، وله فلسفة خاصة في كل شيء.. فلسفة تجر عليه المشكلات، ولعل أهم ما يميزه هو تفكيره بصوت عال وتفسيره الجمل حسب خبرته، وإذا حاول الباحث المتأمل معرفة شيء مفصل عن حياته سيكون كمن يحرك قطع شطرنج.
أكثر ما لفت انتباهي في مسيرته هو موقفه من السينما، كما نشرت مجلة ثقافية أسبوعية بولندية ووثق الموضوع في مجلة آفاق عربية العراقية، فقد اتهم بأنه ضد التاريخ ويدحض علم الاجتماع ويعزل العلوم الإنسانية عن العلوم الأخرى، حتى أن البعض اتهمه بنشر الأفكار البالية. لقد بقي مالرو إلى النهاية على خطه العدائي إزاء السينما والتلفزيون، وقد عامل هاتين الظاهرتين كتزييف للثقافة، وفي عام 1959 في الحفل الختامي لمهرجان كان السينمائي اعترف بأن الفيلم لغة عالمية، إلا أنه أضاف بتحفظ.. لا تخدعنا القوة الإيحائية للصور، فكما هو معلوم لا علاقة لها بإعادة خلق الواقع، إنها مجرد قوة كبيرة لعالم مختلف يبدو دائما شبيها بالواقع رغم أن الواقع لا يشبهه.
وفي عام 1964 احتد صوت مالرو وقال.. لقد اخترعنا مصانع الأحلام التي لم تعرفها البشرية من قبل.. إذا ما هي النتيجة؟ لقد سيطرت على البشرية جمعاء قوة الوهم التي هي في الوقت نفسه قوة النقود والسياسة. إننا نعيش في حضارة أصابها العفن ولسبب بسيط للغاية. إن أحلام الناس تحصرها قوة ذات اسم شيطاني، جبروت الدم. وفي عام 1969 قال “كل حضارة امتلكت شياطينها وملائكتها، إلا أن شيطان الماضي لم يكن بالضرورة مليارديرا أو منتج وهم، ومصانع الأحلام ستلجأ عاجلا أم آجلا إلى الأساليب الأكثر نجاعة.. إلى الدم، إن ثقافتنا المشتركة هي ما نختاره وما يسمح للحضارة بالوقوف بوجه مصانع الأحلام. والمهم هنا تقديم السند للإنسان.
كل ما سبق لا يجب اعتباره شهادة مضطربة من كاتب، إنما تمرد وامتلاك القدرة على الرفض ومنهجية واضحة.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية