لدى صناع الدراما التلفزيونية فكرة لا يراد لها تغيير ولا تبديل، مفادها أنّ المشاهد بحاجة إلى الترفيه بعد عناء ساعات طوال من الصيام، طبعا لا أحد ضد الترفيه القائم على الفكر المدروس والمبني على الأسس الأخلاقية التي تحترم الإنسان، وليست تلك التي تسخر منه ومن قيمه، ولا أظنّ أنّ أحدا يعترض على الفكرة طالما كانت تقدم في إطار أخلاقي يهدف إلى الارتقاء بالإنسان.
ربّما تعد البرامج التي يقدمها الإعلامي المتميز أحمد الشقيري استثناء، وبالفعل جديرة بالمتابعة كونها تتمحور حول القضايا التي تؤرق الإنسان العربيّ والمسلم. الشقيري لم يسقط في فخ التهريج كما فعل الآخرون، ولعله سر نجاحه الساحق وأعداد متابعيه الكثر، والبعض يرى أنّ السر في شعبية الشقيري الكبيرة الجرأة في المعالجة وهذا صحيح.
على مدى سنوات عديدة والشقيري يعمد إلى طرح الهموم التي تواجه الإنسان العربيّ والمسلم، إضافة إلى أنه يسلط الضوء على الممارسات الخاطئة للفئات الشبابية، ومن ثم عرض رأي العلم والدين فيها بأسلوب في غاية التشويق. لم يحصر الشقيري ذاته في البرامج المعلبة التي يتم إعدادها داخل الاستوديوهات، لكنه أصر على النزول إلى الشارع ومعالجة القضايا اليومية، ومن هنا حرص الآلاف على امتداد العالم العربيّ على مشاهدة ما يقدمه مع بداية الشهر الفضيل كل عام. وإضافة إلى جهده في إعداد ما يقدمه فإنّ ما يشد المتابعين لبرنامجه البساطة في التقديم وطرح الحلول العملية متجنبا قدر الإمكان التنظير كما هو نهج الآخرين.
ومن البداهة فإنّ للنجاح ضريبة باهظة يدفعها غالبا صناع النجاح، ولم يكن الشقيري استثناء بين هؤلاء، ذلك أنه تعرض لاتهامات لما يقدمه من قبيل استخدامه خلفية موسيقية أثناء تفسير آيات القرآن الكريم. بيد أنّ الشقيري كان دائما يتقبل تلك الاتهامات برحابة صدر، كما وجه له اتهام آخر بأنه يهدف إلى جني الأرباح الطائلة. وإذا شئنا الحقيقة فإنّ المستوى الرائع الذي تظهر به برامج أحمد الشقيري جديرة بأن تنال الأجر الذي تستحقه لما تتضمنه من ثقافة ومتعة تفتقر إليها غالبية البرامج الأخرى.
*كاتب وتربوي بحريني