العدد 5236
الثلاثاء 14 فبراير 2023
banner
الذكرى المجيدة لميثاق العمل الوطني
الثلاثاء 14 فبراير 2023

يترقب شعب مملكة البحرين بشغف كبير يوم الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام؛ للاحتفاء والاحتفال بذكرى التصويت على ميثاق العمل الوطني، الذي هو أحد ثمار المشروع الإصلاحي الذي تبناه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم.
فقد رأى بثاقب بصيرته الحاجة الماسة إلى وجود عقد اجتماعي متوافق عليه بين ولي الأمر وشعبه، وكانت نتيجة رؤية جلالة الملك المعظم بزوغ فجر ميثاق العمل الوطني.
وفي خطوة مباركة صدر الأمر السامي في 23 نوفمبر من عام 2000م بتشكيل اللجنة الوطنية العليا من أبناء البحرين من أصحاب الخبرة والاختصاص لإعداد مشروع ميثاق العمل الوطني برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وزير العدل والشئون الإسلامية آنذاك. وكانت النتيجة إعداد الميثاق الذي تمثلت بنوده من مدخل تم الحديث فيه عن شخصية البحرين التاريخية، وسبعة فصول متكاملة تمس جميع مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والأمنية والاقتصادية.
كان الإعلان عن مشروع ميثاق العمل الوطني طفرة في مسار العمل الديمقراطي، وكانت كلمات جلالة الملك حوله تمثل الركيزة الأساسية لما ستكون عليه البلاد من نظام ديمقراطي متقدم. وعلى أثر ذلك عقدت الندوات، واللقاءات والاجتماعات حول كلمات جلالة الملك وبنود ميثاق العمل الوطني. وتوصلت الندوات التي نظمت في البلاد لمناقشة بنود الميثاق والتي لاقت حضورًا مكثفًا من أبناء شعب البحرين، وكان آخرها المنتدى الشعبي الكبير الذي أقيم بنادي الخريجين في يوم الأحد الموافق 14 يناير 2001م، حيث توصل الجميع إلى أن البحرين مقبلة بفضل الميثاق على مستقبل زاهر، ونقلة نوعية كبيرة تسهم بدورها في تفعيل المسار الديمقراطي.
اتفق جميع أبناء الشعب البحريني على التصويت بـ (نعم) للميثاق؛ لأن كلمة (نعم) تعني الخير لصالح الوطن والأمة، كما أنها تعني سيادة القانون، وكفالة الحريات الشخصية والمساواة وعدم التمايز بين أبناء المجتمع الواحد. كما تعني كلمة نعم مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، ومباشرة الشعب لحقوقه السياسية والدستورية بوجود مجلس منتخب انتخابًا حرًا مباشرًا، ومجلس شورى معين من أصحاب الخبرة والاختصاص.
اتفق جميع أبناء المجتمع البحريني بمختلف مكوناته على كلمة (نعم) لميثاق العمل الوطني؛ لأن كلمة نعم تعني العزة والكرامة والسؤدد. فقد توجهت الجموع الغفيرة من أبناء الشعب البحريني إلى صناديق الاقتراع في يومي الأربعاء والخميس 14 و15 فبراير 2001م في مشهد ديمقراطي قل نظيره، وقالوا كلمة (نعم) للميثاق بنسبة 98.4 % وهي نسبة عالية جدًا، بل هي في الواقع ملحمة رائعة سطرها أبناء الشعب البحريني الوفي.
وبمناسبة حصول الميثاق على تلك النسبة المتفردة والتي يندر حدوثها، وجه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، الجهات المعنية العمل على تصميم وتنفيذ إنشاء (صرح الميثاق الوطني) وذلك من أجل تخليد ذكرى الميثاق، لما يمثله من قيم وطنية سامية توضح بجلاء أصالة الشعب البحريني وتقديره التام لمشروع جلالة الملك الإصلاحي.
خلد الصرح أسماء المواطنين الذين قاموا بواجبهم بالموافقة على الميثاق، وتم حفر أسماء زهاء 220 ألف من أبناء البحرين على جدران صرح الميثاق الوطني الخارجية تكريمًا لهم من جهة، ويعد ذلك من جهة أخرى وثيقة سجلت المواقف الوطنية لأبناء شعب البحرين الوفي الذين عاهدوا القيادة الحكيمة على الوقوف خلفها صفًا واحدًا؛ صونًا لما حققه الوطن من مكتسبات يجب المحافظة عليها. كما يبرز الصرح مظاهر التراث الحضاري الذي تزخر به مملكة البحرين، ويوثق إسهامات شعب البحرين في بناء مجتمع ديمقراطي يؤمن بقيم التسامح والوسطية والاعتدال.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية