العدد 5215
الثلاثاء 24 يناير 2023
banner
الإسلاموفوبيا
الثلاثاء 24 يناير 2023

لم يكن الرسول الأعظم فظاً في التعامل (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، وجاء ليتمم مكارم الأخلاق (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، وهو ما جعل من الدين الإسلامي دين خلق دمث، ولن يستطيع كائن من كان - رغم المحاولات عبر السنين - أن يغير هذا الأساس والهوية الدينية الراسخة التي أمر بها الله وأرساها رسوله (ص) في نفوس المسلمين.
قد تكررت سلسلة الإساءات ضد الإسلام، وآخرها ما أصدرته السلطات السويدية من قرار بالسماح لزعيم حزب الخط المتشدد الدانماركي اليميني المتطرف (راسموس بالودان) بحرق نسخة من المصحف الشريف أمام مبنى السفارة التركية في ستوكهولم، وهم على قناعة بأن ما سمحوا به ما هو إلا سماح بممارسة الحرية! صحيح أن القوانين تكفل الحريات، لكن الغرض منها تنظيم سير الحياة، وصون الحقوق، والحفاظ على الأفراد والمجتمعات من الأخطار ومن أية تهديدات، فأي قانون يكفل التطرف ومعاداة الآخرين؟! وأي قانون يسمح بالإساءة واستفزاز المشاعر؟! لكلٍ الحق في اعتناق ما يريد من أديان، لكن ما شأنك بدين واعتقاد الآخر؟! تشكل مثل هذه الأفعال والتصرفات تطرفاً وعنصرية، بل وأبعد من ذلك بكثير لأنها امتهنت الإساءة من دون أي سبب سوى الكراهية، وهو ما يعتبر كأية قضية من قضايا التمييز والعنصرية التي يمنعها الغرب ويقف ضدها في أحايين كثيرة، بينما يقف صامتاً، وربما مساهماً في تشجيع الإسلاموفوبيا.
هذه دعوة ليست إلى الإدانة وإبداء الاستياء، بل إلى عمل حملة مضادة مسالمة تهدف إلى التقارب والتعايش بسلام، وعدم استغلال الحرية وتحويلها إلى إساءات متعمدة لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تعبر عن شيء سوى الكراهية والبغضاء، حملة باسم التعايش، وبكل ما في القلوب العربية والمسلمة من احترام وتقدير لكل الكتب السماوية، حملة تجمعنا جميعاً في صورة واحدة لمسلم ومسيحي ويهودي وغيرهم من معتنقي الديانات، صورة تتخطى الحدود لتعبر بصريح العبارة عن نبذ العنصرية والتطرف الديني ومعاداة أي أحد لسبب دينه واعتقاداته، حملة تشيع الألفة والمحبة بين الشعوب والأمم، ولا تسمح بالتعدي على الأديان والرموز.
* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .