في عالم السياسة كل شيء “مشروع ومسموح ومقبول”، بشرط أن تتحقق المصلحة، وفي عالم السياسة الدين والأخلاق والمبادئ تعامل كمعطف أو لباس أو حتى أجلكم الله حذاء للدخول بمستنقع الصراعات والأزمات، وفي عالم السياسة يتم قلب الباطل حقا، وقلب الحق باطلا، ومن يظن أن هناك أخلاقا وإنسانية وضميرا في عالم السياسة فهو إما ساذج أو غبي بكل معنى الكلمة.
ويمثل النظام الإيراني واحدا من الأمثلة الواضحة في كيفية استخدام الدول العظمى خصوصا أوروبا والأنجلوسكسونية الجديدة واشنطن ولندن كل شيء في سبيل المصلحة، فقد سمحت هذه الدول الكبرى بتدشين وتمكين نظام معاد للعرب ومعاد للتشيع العربي من الوصول للسلطة ورعايته طوال أكثر من أربعة عقود، وغض الطرف عما يفعله بالشعب الفارسي من خنق إرادته وحريته وإنسانيته، ونقول الشعب الفارسي نظرا لأن هناك شعوبا أخرى تم الاستيلاء على أراضيها وتم ضمها بالقوة بدعم من بريطانيا، أي الشعب العربي بإمارة عربستان والشعب الكردي والبلوشي والأذري، وقد حقق هذا النظام مصلحة الدول الغربية من خلال تدمير العراق وتسليمه لإيران، وذلك عندما أسقط التحالف العسكري نظام صدام حسين ثم احتلال العراق وحل الجيش العراقي وتمكين عملاء إيران من التغلغل بمفاصل الدولة والاستيلاء على الحكم، كذلك استغلال مؤامرة الربيع العربي لاحتلال سوريا واليمن من خلال ما تسمى بالثورة وإن اختلف الأسلوب، حيث دعمت الانقلابيين الحوثيين ودعمت النظام السوري، كذلك سقط جزء من لبنان العروبة بيد عملاء إيران حزب الله. لكن بالمقابل فشلت جهود الدول الغربية بأن يتمكن نظام الخميني من احتلال البحرين وقلب نظام الحكم أثناء أحداث مؤامرة الربيع العربي، والتي أيضا تمت فيها محاولة زعزعة أمن المنطقة الشرقية، وأيضا تم تفويت فرصة الدخول خلسة لمصر ووضع موطئ قدم لنشر الخمينية. 
وقد استغلت إيران نجاحها وحاولت الخروج من عباءة الاتفاق غير المباشر مع الدول الغربية، أي العبث بالأمن العربي وإشغاله بالحروب والأزمات والصراعات، وذلك من خلال احتلال غزة عن طريق ابنتها حماس وأحلامها باحتلال فلسطين بالكامل تحت حجة المقاومة، كذلك تمادت أو لنقل تخوفت إسرائيل من سيطرة طهران على سوريا بشكل كامل وبالتالي محاولة طهران الدخول للجولان المحتلة، ما يشكل خرقا للاتفاق غير المعلن وهو الإضرار فقط بالأمن العربي وعدم الاقتراب من إسرائيل.
* كاتب سعودي