العدد 5185
الأحد 25 ديسمبر 2022
banner
سلمان بن خليفة.. رجل المالية وإدارة المخاطر الحديدي
الأحد 25 ديسمبر 2022

لم يمر عامان على تعيينه وزيرًا للمالية والاقتصاد الوطني منذ 2018 ليحصد جائزة “أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط” للعام 2020 من مجلة ذا بانكر العالمية التابعة لمؤسسة فاينانشال تايمز المرموقة. حقق نقطة التوازن بين المصروفات والإيرادات الحكومية بحلول العام 2022 بفضل التنفيذ المحكم لمبادرات برنامج التوازن المالي. تسجيل أول فائض تاريخي في الموازنة العامة منذ 14 عامًا، والدين العام في منحى نزول لأول مرة. الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة حقق المستحيل في فترة زمنية قصيرة. 
منذ أن شغل منصب مدير عام مكتب النائب الأول مع تأسيس المكتب في العام 2013، شرع في الإشراف المباشر على تنفيذ الخطط والاستراتيجيات لمبادرات صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إذ كانت التكهنات كلها تشير إلى وزير مالية مستقبلي، مع عادة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الحميدة على انتقاء النخبة من الكفاءات الوطنية المتسلحة بعتاد الفطنة والخبرة للحفاظ على استقرار الوضع المالي وتنميته مقابل محدودية الموارد. 
سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء اقتنص مَلَكَة سلمان بن خليفة لتنفيذ السياسات المالية الحصيفة لمملكة البحرين، ليقود فريق تنفيذ خطة التوازن المالي خصوصا، وهذا ما اتضح جليا في جملة من الإحصاءات الإيجابية المعلنة منذ فترة.
رغم انكشافه الخجول على وسائل الإعلام وتفاعله على استحياء مع الإعلاميين، إلا أن ما تحقق حتى اللحظة بقيادته دفة الحقيبة الوزارية المالية والاقتصادية للمملكة طوال 3 سنوات، يشفع له هذا الغياب شبه المتعمد عن الاحتكاك مع رجالات الصحافة، بإشرافه على العديد من السياسات لخفض المصروفات وزيادة الإيرادات الحكومية، ومواصلة العمل على تنفيذ الخطط التنموية بما يصب في دعم الاقتصاد الوطني، ما مكّن المملكة من خفض العجز بنسبة 37.8 % في النصف الأول من العام 2019 مقارنة بنفس الفترة من العام 2018، وتحقيق 33 مليون دينار فائضا في النصف الأول من العام 2022، وارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 57 %، وتقليل الاقتراض لتمويل الميزانية بسبب رفع نسبة القيمة المضافة من 5 % إلى 10%، ما أسهم في تسجيل أول انخفاض في الدين العام بحوالي 300 مليون دينار ليصل إلى 14.31 مليار دينار في يونيو 2022 مقابل 14.61 مليار دينار في يونيو 2021. 


هو شخص المال والصيرفة وإدارة المخاطر المناسب في الوزارة المناسبة. من يبدأ حياته المهنية في أكبر مؤسسة مصرفية سويسرية في العالم “UBS” ويشحذ مهاراته العملية والاحترافية في عملاق الاستثمارات البديلة وصناديق التحوط “انفستكورب”، ويسطّر قصص نجاح عديدة في أكبر بنك ألماني من حيث حجم الأصول “دويتشه بنك” سيكون خيارا مثاليا لتولي زمام الأمور المالية والاقتصادية في المملكة مع رجل المرحلة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
نرى كذلك مدى تشابه اليد العليا لوزير المالية والاقتصاد الوطني في اتخاذ أهم القرارات في المملكة والمساعد الأيمن لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مع ما يتم انتهاجه في سنغافورة - النمر الآسيوي الأنجح اقتصاديا في القارة الصفراء - التي جعلت وزارة المالية سيادية بامتياز لتكون أهم وزارات الدولة وعلو كعبها على باقي الحقائب الوزارية، ما يعني أن لغة الأرقام هي الفيصل في حسم مدى تنمية ورفاه المجتمع والعمل بجد واجتهاد لرفعته بالإدارة السليمة للمخاطر.
قراءة سريعة في مؤشرات قياس أداء خطة التعافي الاقتصادي تترجم مدى دقة وسرعة العمل الحكومي المنجز تحت مظلة وزارة المالية والاقتصاد الوطني، فبعد مرور عام كامل على إطلاق الخطة، تم الانتهاء من 21 برنامجا من أصل 27، أي بنسبة إنجاز قاربت 78 %، لعل أبرزها ما يندرج تحت مظلة الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي واستكمال 5 أولويات من أصل 8، هي: خفض المصروفات التشغيلية في الجهات الحكومية، تعزيز كفاءة ميزانية المشاريع، ضبط مصروفات القوى العاملة، زيادة القيمة المضافة إلى 10 % عبر الإجراءات التشريعية، وزيادة مساهمة الشركات المملوكة للحكومة، والعمل قائم على استكمال الأولويات الثلاث المتبقية وهي: تنمية الإيرادات الحكومية، تعزيز كفاءة وعدالة الدعم الحكومي المباشر لمستحقيه ومراجعة أسعار السلع والخدمات المقدمة للشركات. 
“العنصر البشري هو أعظم مورد لنا في البحرين.. ومحظوظون جدا بوجود كوادر وطنية شابة ومؤهلة”.. عبارة الشيخ سلمان بن خليفة أثناء مشاركته الأخيرة في مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض توجز ما تتكل عليه المملكة حاليًا في نهضتها الشاملة على المدى الطويل، مع ضخ دماء شابة جديدة في الجهاز الحكومي قادرة على إدارة الأزمات والعمل تحت الضغط بمرونة كبيرة وإنعاش شرايين النمو الاقتصادي. 
على طريق ملغّم بأشواك التقلبات الجيوسياسية وتبعات الدب الروسي في أوكرانيا واضطرابات سلاسل التوريد والتضخم العالمي غير الملجم جيدا في قطاعي الغذاء والطاقة، وضغوطات زيادة أخرى تلوح بالأفق للقيمة المضافة أسوة بالشقيقة الكبرى السعودية، واحتمالات تطبيق ضريبة دخل على الأفراد، وضريبة على الشركات، وتحديات عجز الميزانية وتسديد تكاليف الديون المتراكمة، نتطلع بتفاؤل لخريج كلية بابسون الأميركية في الاستثمار والاقتصاد أن يوجّه مرساة المملكة الاقتصادية إلى بر التعافي المستدام والتوازن المنشود في المالية العامة، مع عام ميلادي جديد يعد بالمزيد من المكاسب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .