العدد 5150
الأحد 20 نوفمبر 2022
banner
الإعلام الجديد نحو اللاتخصصية
الأحد 20 نوفمبر 2022

في علوم الابتكار يقال إن الأشياء تخلق من العدم وتتطور وتبلغ ذروتها ثم إلى عدم آخر، والحقيقة أن ذلك ينطبق على الإعلام كذلك، فقد خرج علم الإعلام بنظرياته وتطور تطورا دراماتيكيا بلغ ذروته بعد ظهور الإذاعة التي خلقت حالة رائعة من التفاعل بين الجمهور، والوسيلة كانت محدودة نوعا ما في عصر الصحافة فقط، ثم تلاها التلفزيون ليخلق حالة من القرب التفاعلي اللحظي من خلال مشاركة الجماهير واتصالهم المباشر ببعض البرامج، وهو ما كان يحدث بالطبع في الإذاعة لكن مع تفاصيل وصورة رائعة تظهر على شاشات التلفزيون، ثم هانحن الآن في حالة اندماج وتفاعل تام بين الجماهير ووسائل الإعلام، خصوصا مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ماذا حدث خلال المئة عام المنصرمة؟
دعوني أوضح لكم بصورة مبسطة، عندما كانت الإذاعة في بداية عصرها تعتمد على مذيع أو اثنين في كل قناة وكانوا يقدمون أغلب البرامج التي تبث وهكذا الحال بالنسبة للتلفزيون، كان الوضع العام يفتقر إلى التخصصية إلى أن ظهرت الفضائيات، والتي كثرت بشدة، فبدأ الإعلاميون في التخصص، فقناة للأخبار وأخرى للرياضة وثالثة للمنوعات، فأصبح الإعلاميون بصبغات معروفة، ترى ذلك الإعلامي فتعلم من هيئته أنه يقدم الأخبار ثم تنظر لتلك فتعلم أنها تقدم برامج، بعد أن كان الإعلامي الواحد قبل عصر الفضائيات يحاور السياسيين والرياضيين والفنانين، أصبح كل صاحب تخصص مسؤول عن تخصصه، واستمرت الحالة على ما هي عليه قرابة ثلاثين عاما، ثم ظهر الوحش الكاسر الذي سمي الإعلام الجديد وغير مفاهيم اللعبة برمتها فمذيع الأخبار أصبح يشاركنا يومياته واكتشفنا أنه إنسان يأكل ويشرب ويستمتع بوقته كبقية البشر وليس حبيس مراكز الأخبار، ويستطيع أن يستمع إلى أغانيه المفضلة وليس نشرات الأخبار فحسب، ورأينا المحاور الاقتصادي خبير البورصات الفذ وهو يطبخ أكلاته المحببة، ثم ماذا؟ ثم باتت قنوات وسائل التواصل نافذة حقيقية للاتصال الجماهيري التفاعلي الذي استغلته وسائل الدعاية والإعلان، ولم لا وقد سحب البساط بسلاسة شديدة من وسائل الإعلام التقليدية، لذا عدنا وبلا شك إلى اللاتخصصية مرة أخرى والتي كنا قد بدأنا بها مع بدايات الإذاعة، ولا ضير في ذلك دام أننا وكما ذكرت في بداية مقالي سنواجه اندثارا وابتكارا لعدد من وسائل التواصل الجماهيرية. “المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”.

كاتبة وأكاديمية بحرينية*

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية