العدد 5142
السبت 12 نوفمبر 2022
banner
طريقان للانتحار الجماعي
السبت 12 نوفمبر 2022

في كلمته أمام قمة المناخ في شرم الشيخ، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش البشرية من مغبة “الانتحار الجماعي”، مؤكداً أن البشرية أمام خيارين: إما العمل معاً، أو “الانتحار الجماعي”، مضيفاً: “نحن نسلك الطريق السريع نحو الجهنم المناخي ونواصل الضغط على دوّاسة السرعة”، وفي الواقع فإن الوصف المخيف الموغل في التشاؤم، والذي تعمد غوتيرش الإدلاء به ليقرع جرس الإنذار لما يحيط البشرية من مستقبل قاتم؛ جراء التغير المناخي، لم يجذب مختلف وسائل الإعلام العالمية التي أبرزته في صدارة أخبارها المقروءة والمرئية والمسموعة فحسب، بل أثار انتباه وقلق ملايين الناس التي تعي جيداً مخاطر التغير المناخي وتعاني منه. لكن لنتساءل هنا: هل “التغير المناخي” وحده ما يحيق بمستقبل البشرية من خطر داهم؟
أوليس سباق التسلح العالمي، بموازاة الحروب الإقليمية المشتعلة، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية التي تنذر باستخدام أسلحة الإبادة النووية الشاملة من قِبل أطرافها - روسيا من جهة وأوكرانيا وحلفاؤها من الدول الكبرى الغربية من جهة أخرى - تنذر أيضاً بالسير سريعا نحو الهاوية النووية التي لا تقي ولا تذر؟ ثم ما الذي يشكل الخطر الآني على البشرية الأكثر إلحاحاً: الضغط على “دوّاسة السرعة” نحو الهاوية المناخية أم الضغط على “دواسة السرعة” نحو الكارثة النووية؟ 
في واقع الحال إن البشرية، ودون التقليل البتة من مخاطر التغير المناخي، إنما تسير اليوم على طريقين متوازيين خطرين نحو ما وصفه غوتيرش بـ “الانتحار الجماعي”، بيد أن قضية “السلم العالمي” وإطفاء نيران أخطر الحروب الراهنة، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، هي القضية الأكثر خطورة وإلحاحاً.. والطريقان اللذان تسير عليهما البشرية - رغم إرادتها المسلوبة - كلاهما يفضيان إلى هلاكها، وهذا ما يتطلب تضافر جهود شعوب وقادة دول العالم، للضغط بقوة لفرملة السرعة نحو “الهاوية النووية” بأقصى ما يمكن من وسائل ممكنة، وذلك بموازاة وقف التدهور البيئي المتسارع. بعبارة أخرى ان البشرية أمست اليوم على طريقين للانتحار الجماعي لا طريقا واحدا، الأول بطيء قياساً بالثاني (التغير المناخي) والآخر هو الأسرع (المحرقة النووية)، وفي عدادها تواصل الحروب الكبرى بالأسلحة غير الاستراتيجية المهددة بتوسعها، وتتحمل الدول الغربية الكبرى المسؤولية الأولى في وضع البشرية على الطريقين المرعبين.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية