+A
A-

جدل الخدمة الإلزامية يحتد بالعراق.. هل هي ضرورة وطنية؟

أرجأ مجلس النواب العراقي القراءة الأولى لمشروع قانون "خدمة العلم" إلى الجلسة المقبلة، الثلاثاء، بعد أن كان مقررا ذلك خلال جلسة الأحد، وسط تصاعد النقاش حول هذا القانون المثير للجدل داخل أروقته وفي الأوساط الشعبية والسياسية.

نص مشروع القانون طرح أول مرة في العام 2021 خلال ولاية الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، وليس واضحا بعد ما إذا كان مشروع قانون "خدمة العلم" سوف يحظى بتأييد غالبية النواب الحاليين.

تفاصيل مشروع القانون

أعضاء في لجنة الدفاع والأمن النيابية، أكدوا أن "تشريع قانون الخدمة الإلزامية ضروري لوجود مخاطر تتعلق بالإرهاب في البلاد".

مضيفين أن "القانون يرغم في حال إقراره، كل عراقي شاب يتراوح عمره بين 18 و35 عاما، على أن يلتحق بالتجنيد الإلزامي لمدة أقصاها 18 شهرا، وأدناها 3 أشهر، بحسب التحصيل العلمي للشخص المعني".

تطبيق مشروع قانون خدمة العلم (التجنيد الإلزامي) سيتم بعد سنتين من تشريعه ونشره بجريدة الوقائع العراقية، وسيتقاضى المجندون وفق هذا القانون رواتب شهرية تتراوح ما بين 600 إلى 700 ألف دينار عراقي أي ما يعادل ما بين 410 إلى 475 دولارا أميركيا.

عسكرة المجتمع

منتقدون يرون أن الأبدى تأهيل الشباب العراقيين علميا ومهنيا وليس تطبيق التجنيد الإلزامي بحقهم، بدعوى الحرص على تنمية قدراتهم وتعزيز انتمائهم الوطني، محذرين من خطر العودة لعسكرة المجتمع وتعزيز النزعة العسكرية.

فيما يرى مدافعون عن القانون، أنه تقليد معمول به في الكثير من دول العالم، وهو حاجة ملحة للعراق في ظل ما يواجهه من تحديات أمنية وسياسية جسيمة، كتهديدات التنظيمات الإرهابية مثل داعش، مشيرين إلى أن خدمة العلم في حال تطبيقها، قد تقود لمعالجة ظاهرة السلاح المنفلت في يد الميليشيات بالبلاد.

تعزيز الانتماء الوطني

يقول الباحث السياسي والمستشار القانوني العراقي محمد السامرائي، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية: "قانون خدمة العلم هو من أهم القوانين الملحة للعراق، والذي إن تم تشريعه في هذه الدورة البرلمانية  فهو سيحسب لمجلس النواب والحكومة، حيث يعد قانون الخدمة العسكرية الإلزامية عاملا مهما لتعزيز الانتماء الوطني وتقوية أواصر المجتمع العراقي، الذي تعرض لهزات وخضات كبيرة جدا بفعل الأحداث الأمنية والتجاذبات السياسية طيلة العقدين الماضيين، وتركيز الأحزاب المتنفذة والحاكمة اهتمامها على كعكة السلطة، على حساب تعضيد الدولة بمؤسساتها العسكرية منها والمدنية".

 وأضاف: "وهكذا فتشريع قانون خدمة العلم سيعزز من قوة الدولة وتنظيم مؤسساتها العسكرية، وهو بالتأكيد لا يندرج ضمن سياق عسكرة المجتمع كما يقول المعترضين عليه، كوننا أمام تنظيم قانوني واضح يجند الشباب ويصقل شخصياتهم ويعزز الروح الوطنية لديهم، وهو تجنيد مؤقت ولفترات زمنية محدودة، وبحسب التحصيل العلمي للشباب المشمولين بأحكامه".

"وبالعكس فعسكرة المجتمع تكون عبر انتشار المجاميع والكيانات المسلحة التي تعمل خارج اطار القانون وخارج سلطة الدولة، وليس عبر التجنيد الإلزامي وخدمة العلم التي تعد شرفا لا يعلوه شرف لجميع أبناء البلد"، كما يقول السامرائي .

سلبيات أكثر من الإيجابيات

في المقابل يقول الكاتب والمحلل العراقي علي البيدر، في حديث مع سكاي نيوز عربية: "الجيوش العسكرية الحديثة حول العالم هي نوعية وليست كمية، تركز على تطوير ترساناتها الردعية وقدراتها القتالية وفق أحدث التكنولوجيات الفتاكة والمتطورة، وليس بالضرورة عبر جيوش عددية جرارة متثاقلة، وتفتقر للسلاح النوعي وغير مؤهلة تكنولوجيا، ولهذا فطرح هذا القانون في ظل الظروف الحالية هو عبث سياسي محض".

البيدر يضيف: "الميزة الإيجابية الوحيدة لهذا القانون هي أنه ربما يساهم حال اعتماده في القضاء على ظاهرة الميليشيات والسلاح المنفلت تدريجيا، ولو استغرق الأمر سنوات طويلة كي يتحقق بشكل كامل، لكنه في المقابل سيقود نحو عسكرة المجتمع وسيرافق تطبيقه ولا ريب عمليات فساد كبيرة، علاوة على أنه سيكلف الدولة ميزانيات طائلة جدا".

والذي يستطرد بالقول: "بعض الجهات السياسية الداعمة لهذا القانون ربما تراهن في سرها على نجاح نظام الخدمة الإلزامية، بإبعاد الميليشيات المسلحة عن المشهد السياسي وتحجيم دورها، لكنه يبقى في كل الأحوال رهانا غير مضمون التحقق".