العدد 5115
الأحد 16 أكتوبر 2022
banner
الانتخابات النيابية... من ترشح (4)
الأحد 16 أكتوبر 2022

نصوت للأفضل، نرشح الأكفأ، نختار الأصلح، وغيرها من الإعلانات الإرشادية المنتشرة في الأماكن العامة وعلى الشوارع الرئيسية، كدور بارز في توعية الناس، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، من هو الأصلح وكيف نعرف الأفضل والأكفأ؟!
أعتقد أن الأمر ليس سهلا، وأكاد أجزم أنه من السابق لأوانه تحديد الأكفأ أو حتى الجاد في سعيه على أقل تقدير في الوقت الراهن، والسبب في ذلك أن المعايير الحالية للترشح والتي يُفترض أنها تمكن الناخب الكريم من تمييز الصالح من الطالح والعارف من الجاهل لا تفي بالغرض، فالاشتراطات المتواضعة جدا – بلطيف العبارة - لا تناسب الكرسي الذي سيجلس عليه ممثل الشعب، الأمر الذي يتوقف عليه مصير الكثير من المصالح والصلاحيات والتي ربما تذهب أدراج الرياح لعدم الكفاءة والأهلية، حيث إن سَن التشريعات ومناقشة الحيثيات تحتاج إلى مثقفين على قدر من اللباقة والخبرة في فن التجاذبات وحلحلة الأمور أكثر من مجرد معرفة القراءة والكتابة، بل كيف نرضى لمن يمثل الوطن قبل الشعب أن يكون محل السخرية والتندر وكأنه فاكهة المجلس تحت قبة البرلمان؟!
ليس ببعيد، خرجت علينا أصوات نشاز وتصريحات شنار لا تمت للواقع بصلة، فضلاً أن تندرج ضمن عمل التشريعات البرلمانية، لذا ربما استطاع الناخب الكريم بحنكته أن يُميّز الأصدق قولاً والأكثر أمانة من غيرهم على أقل تقدير، خصوصا إذا قام الإعلام المرئي الموثوق بدوره في عقد لقاءات مباشرة مع المترشحين، ليتمكن المتابع على الساحة من معرفة منطقهم ومدى إلمامهم ببرنامجهم الانتخابي عبر المصادر المحلية الموثوقة، فليس بمؤتمن من يُدلس على الناس ويزور عنوانه ويتحايل على اللجان، وليس بصادق في سعيه لخدمة الشعب من لا يعرف صلاحياته كنائب ويصرح بأمور خارج نطاق عمله ويجعل من نفسه أضحوكة أمام الناس، وليس بكفء من تم ترشيحه مسبقاً ولم يُحرك ساكناً، بل وقف متخاذلاً أمام أمور مصيرية ربما أضرت بمن انتخبوه وهم كُثر. 
هب أننا أفقنا يوماً على خبر مفاده أن المزايا الخيالية الحالية للمترشحين قد تقلصت إلى الربع، يا تُرى كم سيكون عدد المترشحين على الساحة؟ خصوصاً ممن نصبوا أنفسهم أمام الناس كفاعلي خير، وبالمقابل لو تُرك الأمر على ما هو عليه من مميزات وسفرات وممرات خاصة ورواتب دون حضور وغياب غير مسؤول، كم سيكون عدد المترشحين بعد أربع سنوات من الآن؟ أعتقد أننا سنجد نصف الشعب في خانة المترشحين.
أيها الناخب الكريم، لا تغُرنّك الإعلانات الملونة والشعارات الرنانة، طالما لم تتعامل مع صاحبها وجهاً لوجه، وإن كانت الصور في الإعلانات كبيرة والابتسامات عريضة، ولا يخطفن عقلك كثرة الساعين خلف هذا وذاك من طارقي الأبواب، على شكل تكتلات عشائرية، فليست القضية أحزابا وتبادل مصالح وباقي الشعب يشرب من البحر.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .