في شهر نوفمبر من عام 2019م وفي إقرار واضح على مدى التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، تفاخر حسين مرتضوي، قائد قاعدة “ثامن الأئمة” التابعة لمليشيا الحرس الثوري في كلمة باحتفال ديني في محافظة خراسان رضوى (شمال شرق)، بأن أقدام الإيرانيين وطأت سواحل المتوسط بفضل توجيهات وإدارة خامنئي، على حد قوله، مضيفًا أن إيران فعلت الشيء نفسه سابقا على يد كوروش الكبير، مؤسس الأسرة الأخمينية التي حكمت الهضبة الإيرانية قبل أكثر من ألفي عام، حسبما نقلت محطة “إيران إنترناشونال” الناطقة بالفارسية (مقرها لندن).
وفي أغسطس الماضي، قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، الجنرال رمضان شريف، في كلمة له من مدينة الأهواز عاصمة محافظة خوزستان جنوب إيران خلال تكريم عدد من الصحافيين: “لا يمكن حل أية قضية في المنطقة من دون أن يكون هناك دور لإيران، مضيفًا: “لقد فشلت خطط الأعداء ضد إيران في أفغانستان واليمن وسوريا ولبنان وتحولت الخسائر التي تكبدوها إلى فرص ذهبية”.
هذا يعني أن إيران نفسها تقر وتعترف بل تتباهى بتدخلها في شؤون دول المنطقة، ولا يعد مثل هذا الأمر غريبًا، كما حاولت أن تبدو وزارة الخارجية الإيرانية مؤخرًا في ردها على الاتهامات التي توجه إليها من مسؤولين عرب تعاني دولهم من تلك التدخلات الإيرانية، بل ويحاول المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن ينصح بالاهتمام بحل المشكلات الداخلية واحترام ميثاق الأمم المتحدة، متغافلا عن أن بلاده تشهد ما وصف بأنها أكبر احتجاجات في معظم المدن والبلدات الإيرانية منذ احتجاجات أسعار الوقود عام 2019، وشملت مختلف الأطياف رفضًا لما يسمى بـ “شرطة الأخلاق” والنظام السياسي الإيراني وتحت وطأة المشاكل الاقتصادية والفقر وعدم المساواة، وتم استخدام العنف غير المبرر ما أودى بحياة أكثر من 40 متظاهرا حتى الآن.
ما تشهده إيران من احتجاجات ليس أمرًا طارئًا أو استثناء في تاريخها، فمنذ “ثورة” 1979، اندلعت سلسلة من الحركات الاحتجاجية التي تطالب بالإصلاح السياسي وإتاحة الحقوق والحريات وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لجميع أطياف الشعب الإيراني.