العدد 5101
الأحد 02 أكتوبر 2022
banner
ماذا يعني نمو اقتصادي 6.9 % للمواطن؟
الأحد 02 أكتوبر 2022

دائمًا ما تحمل لغة الأرقام بين خاناتها العددية ونسبها المئوية مدلولات إيجابية أو سلبية لأي فعل اقتصادي، يكون لها تأثيرها المباشر وغير المباشر على مستوى معيشة ورفاه وإنتاجية أي مجتمع على المديين القريب والبعيد.  
في تمعّن سريع لأرقام التقرير الاقتصادي الفصلي لمملكة البحرين للربع الثاني من العام 2022 التي أعلنت وزارة المالية والاقتصاد الوطني عنها مؤخرًا، فقد سجّل الاقتصاد الوطني نموًّا بنسبة 6.9 %، محققًا زيادة سنوية هي الأعلى منذ عقد كامل من الزمن، مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة 4.1 % خلال العام الجاري، مقارنة مع 2.2 % في العام الماضي 2021 (العام الثاني من كوفيد-19)، وانكماش 2020 عام الجائحة الأكثر شراسة بنسبة -4.9 %. 
التقديرات المحلية المتفائلة بالنمو الاقتصادي هذه السنة تساندها بقوة تنبؤات أكبر منظمتين اقتصاديتين أمميتين في العالم (1 - صندوق النقد الدولي 2 - البنك الدولي)، مع توقع الأولى تسارع نمو الاقتصاد البحريني بنسبة 3.4 % في العام 2022، فيما حسّنت الثانية توقعاتها للنمو الاقتصادي في المملكة من 3.2 % إلى 3.5 % لعام 2022، علماً بأن المنظمتين تنظران بعين التشاءم المطلق لأداء الاقتصاد العالمي هذه السنة. 
6.9 % نموا بأعلى وتيرة سنوية منذ العام 


2011 يعني الكثير بالنسبة لدولة لا يتجاوز حجم اقتصادها حاجز الـ 40 مليار دولار أميركي، حققت الكثير من القفزات التنموية في زمن قياسي نسبيا مقارنة مع أقرانها في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والعالم العربي ككل. بهذا المنحى التصاعدي في النمو الاقتصادي تكون البحرين قد زادت من دخلها وضاعفت تدفق الانتاجية الاقتصادية مع ارتفاع إنتاج السلع والخدمات وضمان دورة صحية للاقتصاد الوطني بتكامل عناصر الإنتاج الرئيسية وهي الأرض والعمل ورأس المال والتخطيط.
نمو اقتصادي قوي يفوق الـ 5 % خلال النصف الأول من هذا العام سيكون له إسهام لافت في زيادة أرباح الشركات، وبالتالي تحفيزها على تنويع محافظها الاستثمارية وتوسعة رقعة مشروعاتها ورفع قدراتها التنافسية، بما يخدم زيادة الطلب على الأيدي العاملة الوطنية في العديد من التخصصات المهنية والاحترافية، كما هو حاصل في زيادة عدد البحرينيين العاملين في القطاع الخاص بنسبة 4.3 % في الربع الثاني 2022. ونتيجة لذلك ينخفض معدل البطالة بين الشباب ويزيد معدل دخل الأفراد، وفي المحصلة النهائية تتحسن مستويات المعيشة، يرافقها بصورة مباشرة زيادة في الطلب على السلع والخدمات مع ارتفاع معدلات الإنفاق نتيجة تحسن القوة الشرائية، كما هو جلي في تصدّر قطاعي الفنادق والمطاعم والاتصالات والمواصلات للقطاعات الأسرع نموا بنسب 18.1 % و 15.1 % على التوالي، وقفزة ملحوظة بعمليات نقاط البيع والتجارة الالكترونية بنسبة 44.7 %. 
يمكن تفسير النمو الاقتصادي ذو الوتيرة التصاعدية كذلك بزيادة الدخل الحقيقي للدولة بمعدل أكبر من معدل النمو السكاني، بما ينعكس إيجاباً على تطوير البنية التحتية والارتقاء بمستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، على رأسها التعليم والصحة وجها العملة الرئيسة لنهضة أي مجتمع، مع الحفاظ على توليفة متوازنة من تدفقات رأس المال والاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة وجودة القوى العاملة الوطنية وتبني الاستراتيجيات التنموية الهادفة لرفع مستوى الدخل على صعيد الدولة والأفراد.  
المملكة تسير في الاتجاه الصحيح في خططها التنموية لاستدامة النمو الاقتصادي بمعدلات لا تقل عن 2.5 % على أساس سنوي، لاسيما وأن القطاع غير النفطي يقود دفة النمو الاقتصادي بنسبة تفوق 7.8 % و 9 % في الربع الأول والربع الثاني على التوالي هذه السنة على حساب القطاع النفطي حتى وإن فاق سعر برميل النفط سقف الـ 100 دولار في الأسواق العالمية، في مؤشر واضح على نجاح البحرين في التحول إلى الاقتصاد غير الهيدروكربوني بما يتسق مع أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030 وخطة التعافي الاقتصادي.  
رغم ما يمرّ به العالم من ويلات حرب فلاديمير بوتين على جارته الشرقية أوكرانيا وتقلبات سلاسل التوريد العالمية والضغوط التضخمية المتراكمة، إلا أن مملكة البحرين نجحت في اختبارها الاقتصادي حتى الآن، ومرشّحة لتكون في مصاف أفضل اقتصاديات العالم أداءً بنهاية السنة مع حفاظها على معدل تضخم مستقر لا يتجاوز 4 % على اساس سنوي، واستمرارها في انتهاج سياسة نقدية حصيفة بمواصلة ربط سعر صرف الدينار البحريني بأقوى عملة عالمية (الدولار الأميركي)، مع ضمان علاقة طردية بسيطة قوامها: مزيد من النمو الاقتصادي، مزيد من رغد العيش للمواطن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية