العدد 5075
الثلاثاء 06 سبتمبر 2022
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
عفا الله عما سلف
الثلاثاء 06 سبتمبر 2022

من أهم النتائج والعبر التي توصلنا إليها بعد سلسلة المقالات السابقة حول أنواع الشخصيات، هي تلك العبارة الشهيرة “عفا الله عما سلف”، والتي كان يرددها نيلسون مانديلا حينما كان يجتمع مع قيادات التمييز العنصري وسجانيه.
وقد أحببت البدء بهذه العبارة في مقال اليوم، لكي نؤطر بها مواقفنا تجاه أنواع الشخصيات التي تصيغ عدة مواقف خيرة أو سيئة في حياتنا، وقد اقتربنا أكثر من المقصود ونحن نتابع معًا وقفاتنا الموضوعية خلال الأسابيع الماضية في عمود عالم متغير، إذ أراها قريبة من الواقع بشكل كبير طالما أنها لامست عدة شخصيات من قريب أو بعيد. هنا سأحمل الموضوع على محمل آخر، وسأعيد قولبته كما لو أننا نتعلم في مدرسة مانديلا للقيادة، فما هي إلا نظرة أخرى متعمقة، في تحويل الآلام إلى طاقة إيجابية وإنهاك المواقف السيئة التي تعترضنا بوجود من نراهم صانعيها لأسباب ترتبط بواقعية طبيعة الإنسان الذي يعمل دائمًا من أجل مصلحته الخاصة، فخطورة ذلك تتجلى فيما يتركونه من أثر سلبي في نفوس من حولهم، بهذا الإدراك نكون في عمق الواقعية والاستعداد للنهوض بعيدًا عنهم.
أعزائي القراء.. تمعنوا معي في منهجية مانديلا الرائعة للتأثير في الخصوم والمنافسين واحتوائهم، إذ كان يتفنن في معانقتهم والتعاطف معهم،
فما أعظم ذلك التحليل الذي يؤكد أن خطورة المنافسين تزداد في عزلتهم وتخف في دخولهم دائرة الاحتواء والتأثير، فقد تعلمتُ هذه الاستراتيجية من المؤثرين الإيجابيين من حولي وأحاول إتقانها قدر الإمكان، ومن هذه المنهجية الرائعة، التي قد تسهم في شفاء مرضى النفوس، أضيف استراتيجية تنموية ذات تأثير أعمق من الاحتواء، تلك التي تحتضن الاحتواء، وتصل نحو استراتيجية القيادة اللاواعية، وهي منهجية علاجية إصلاحية من وجهة نظري، حيث تحقق الاستقرار التام في العلاقات البشرية بأنواعها، لأنها تؤكد أهمية المجاراة الواعية التي ترمي للإصلاح السليم.
أعزائي القراء، تخيلوا معي عالمًا لا يوجد به أذى ولا مريض يحب الأذى ويتفنن به، تخيلوا معي عالمًا يطبق فعليًا عبارة “عفا الله عما سلف، لننسى الماضي”، حينها لن نضجر، لن نحزن، لن نتألم، بل سننشرح ونفرح ونسمو.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .