يمثل الأمن الغذائي أحد أهم المواضيع الحيوية المطروحة على الساحة المحلية في ظل تداعيات الظروف العالمية على الأمن الغذائي لمملكة البحرين، فقد فرضت التطورات الأخيرة في بعض الأحداث العالمية إعادة طرح هذا الملف، حيث إنه وخلال الفترة الماضية تأثر العالم بشكل كبير بالحرب الروسية الأوكرانية فيما يخص تأمين بعض السلع والمنتجات التي كان العالم يستوردها من تلك الدول، والتي على رأسها أهم العناصر الأساسية للوجبات اليومية مثل زيت الطهي الذي ارتفع سعره بشكل كبير نظرًا لتأثر استيراده بالحرب، كما أنه فرض ضغوطًا على دول أخرى مثل إندونيسيا المصدر الآخر لزيت الطهي التي اضطرت في نهاية المطاف لحظر صادراتها من الزيت لتأمين أسواقها المحلية، الأمر ذاته تكرر مع القمح وهي المادة التي لا تخلو مائدة في البحرين منها، هنا أود أن أشير لتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الذي أكد أن المخزون المحلي من القمح بالكاد يكفي لتغطية احتياجها لمدة ستة أشهر نظرًا لمحدودية حجم الصوامع في المملكة، وفي ظل عدم إمكانية استيراد القمح الأوكراني أعلنت الهند وقف صادراتها من القمح لتأمين حاجتها المحلية نظرًا للظروف المناخية القاهرة، الأمر الذي سيضطر المملكة للبحث عن مصادر أخرى لتعويض القمح الهندي.

أرض السودان كانت أحد الحلول، والتي من الممكن أن تغطي جزءًا كبيرًا من احتياجات البحرين الغذائية، لكن يبدو من تصريح سعادة الوزير كمال أحمد في مجلس النواب أن تحديات استغلال تلك الأرض كبيرة جدًّا، ما يجعل التعويل عليها صعب خلال الفترة الحالية أو حتى المقبلة.

أيقن كما ييقن الجميع أن الأمن الغذائي يمثل تحديا يواجه العالم بأسره، لكن تبقى خصوصية الوضع في مملكة البحرين تختلف كثيرًا عن الدول الأخرى، وذلك لطبيعة المناخ الصحراوي الذي يشكل تحديًا كبيرًا أمام تأمين الغذاء محليًّا، لذلك يبقى إيجاد وتنفيذ المشاريع والحلول البديلة والمستدامة من أهم الأمور التي يجب تبنيها خلال المرحلة القادمة، خصوصًا أن كثيرًا من المؤتمرات والدراسات قد قدمت توصياتها في هذا المجال، والتي كان من أهمها ما قدمه مؤتمر مركز البحرين للدراسات الدولية والإستراتيجية والطاقة في نسخته قبل الماضية.