على مدى أكثر من عامين من المعاناة مع فيروس كورونا “كوفيد 19”، تولد لدى الكثيرين إحساس بأن هذه المأساة أخطر ما يمكن أن يواجه البشرية، وأن الإصابة بهذا الفيروس قد تعني انتهاء الحياة، إلى أن وصلنا لمرحلة ولله الحمد من الطمأنينة التي كانت كافية لإعادة الحياة لصورة قريبة من الطبيعية التي كنا نعيشها قبل هذا الوباء اللعين.
لعل من أهم ما ساعد في الوصول لهذه المرحلة بعد توفيق الله، هو التكاتف العالمي والتضامن الإنساني في المواجهة، إدراكًا واقتناعًا بأنه الطريق لنجاة الجميع، وأنه ليس بمقدور دولة أن تنجو بمفردها وتترك الآخرين، فهذا الشعور بأن الجميع في مركب واحد في مواجهة خطر مشترك ساهم في تجاوز المرحلة الأصعب من الجائحة. 
رغم أن هذه النسبة المقبولة من النجاح كان يجب أن تكون دافعًا للاستمرار في ذات الممارسات والسلوكيات لتحقيق النجاح الكامل، إلا أنه يبدو أنها كانت سببًا في التراخي والتهاون والتخلي عن التزامات من قبل بعض الدول، ما ينذر باحتمالية تزايد خطر كوفيد 19 مجددًا، خصوصا أن هناك تفاوتًا بين دول العالم في مستويات النجاح.
من هنا، حذر رئيس وزراء بريطانيا السابق غوردون براون الذي يعمل حاليا سفيرا لمنظمة الصحة العالمية لشؤون التمويل الصحي، في حديث للبي بي سي مؤخرًا من أن العالم يخاطر “بالسير بلا وعي” إلى أزمة جديدة يتسبب فيها فصيل جديد من فيروس كوفيد 19، إذا لم تُعزز برامج التطعيم في البلدان منخفضة الدخل، مطالبًا الدول الغنية بتقاسم تكلفة اللقاحات والاختبارات والعلاجات على مستوى العالم، لا سيما أنه لم يتم تطعيم سوى 11 بالمئة فقط من سكان البلدان منخفضة الدخل في الوقت الذي من المهم فيه الوصول إلى نسبة 70 بالمئة، محذرا من أنه إذا لم تدفع الدول الغنية مقابل ما هو مطلوب الآن، فقد تواجه تكاليف اقتصادية ضخمة لاحقا إذا ظهر فيروس متغير أكثر فتكا في البلدان منخفضة الدخل وتم اكتشافه بعد فوات الأوان.