في خطوة رائدة ومقدرة كثيرًا وتعد ترجمة حقيقية لصدق واحترام مشاعر الأديان الأخرى، قام نادي بلاكبيرن روفرز الإنجليزي الذي ينافس في دوري الدرجة الأولى باحتضان صلاة عيد الفطر على أرضية ملعبه، وتعد سابقة في تاريخ الدوري الإنجليزي! وحضر الصلاة أكثر من ألفي مصل، كما حرص النادي على توفير أجواء ترفيهية للأطفال.
من الواجب علينا تسجيل موقف تقدير وإعجاب بإدارة هذا النادي التي اتخذت هذا القرار الشجاع وترجمته على أرض الواقع ولم يكن مجرد شعارات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع! فالاحتفال بعيد الفطر المبارك يرمز إلى الالتزام بالمثل الإنسانية والتقوى والرحمة ويقرب المسلمين إلى المبادئ الأخلاقية السامية التي تقوم عليها جميع ديانات العالم.
لا شك أن القرار حظي بتقدير وإشادة جميع المسلمين في بقاع العالم، وأثبت جليًا حاجتنا الماسة لمثل هذه الأفكار النيرة والمتفتحة والمتسامحة مع الأديان السماوية الأخرى، أقولها بكل حسرة، مازال هناك أناس في مجتمعاتنا الإسلامية يفتقدون هذه العقلية المتفتحة، بل يشجعون على الفكر المتشدد الذي له تأثير سلبي وخطير على الناس، بل ويؤدي بنا إلى الهاوية ومزيد من التخلف.
إن أول قائد للبشرية أدار يوميات الإسلام باعتداله هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فلو قرأنا سيرة المصطفى بكل تجرد، نجده فرداً في هذه الأمة، ولم يكن يشعر القاصي والداني إلا أنه رحمة الله للعالمين، حيث تمر عليه جنازة يهودي وهو جالس، فيقوم لها، فيعترض البعض، فيرد عليه الصلاة والسلام “أليست نفساً منفوسة”، وقد وُضع المصطفى أكثر من مرة محل اختبار لدى اليهود، مرة عندما رهن درعه لديهم، وأخرى عندما زار مريضاً لهم، ففي كل مرة يرتقي عليهم ويدخل البعض الدين طواعية من غير إكراه.
كلي أمل أن نرى مزيدًا من هذه المبادرات الجريئة والرائعة، وأن نتبع أفعال وقيم رسولنا الأعظم في حياتنا اليومية، فهو مثلنا الأعلى في الدنيا. قال تعالى “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”.