مما يبدو، محلياً وعالمياً، أنه ليس للأزمات الاقتصادية الشرسة أية نية لأن تشد رحالها بعيداً عنا، فهي مستمرة وقائمة، ومتزايدة، ومتشابكة، ومعقدة لأبعد الحدود.

ولم تضع هذه الأزمات المواطن، أو رب الأسرة فقط أمام مفترق طرق صعبة، بل وضعت الدول نفسها، أمام خيارات مريرة، آخرها العلاج بالكي، وهو ما يحدث بالكثير من الأحيان، وبفاتورة قاسية، لا يدفع ضريبتها إلا المواطن المغلوب على أمره.

واقع الحال، يقول إن أرباب الأسر بحاجة حقيقية لأن يعيدوا حساباتهم جيداً فيما يتعلق بالإنفاق والصرف، والنظر بتمعن بالأولويات والأساسيات، بشكل حكيم، والابتعاد عن العادات الاقتصادية التي لا تناسب واقعهم، وحتى لا تفرض الأيام عليهم الخيارات التي تريدها هي.

لقد علمتنا الجائحة الكثير من الدروس الحياتية المهمة، على رأسها أهمية التواجد مع الأسرة، ومنح أفرادها الأولوية بكل شيء، فهم الوحيدون الذين لا يمكن للفرد أن يندم ولو للحظة على منحهم وقته الثمين، مهما اختلف معهم، و”تزاعل”.

كما علمتنا أيضاً قيمة “القرش” وتفاهة الكثير من العادات والاهتمامات التي كانت تشغلنا بالسابق، وتأخذ من وقتنا ووقت عوائلنا في ما لا طائل فيه، ولا ناقة ولا جمل.

الشراكة مع أفراد الأسرة، والصداقة مع الزوجة والأولاد، من أساسيات بناء الأسرة في هذه الظروف الجديدة التي قلبت نمط الحياة الاجتماعية رأساً على عقب، وغيرت الناس، و”النفسيات”، وحولت الكثير من بيئات العمل لغابات تسكنها الوحوش الكاسرة، بسبب الحال الاقتصادي، وترديه.