العدد 4933
الأحد 17 أبريل 2022
banner
متفوقو الأهلية... دعائم وطن
الأحد 17 أبريل 2022

لم تكن ليلة لا تُنسى وحسب، حيث كانت أبعد من ذلك بكثير. تلك التظاهرة التي نظمتها الجامعة الأهلية احتفاءً بمتفوقيها، وعرفانًا بأن المتميزين وحدهم سيتوجون بالألقاب، والمتفوقين وحدهم سيخوضون مع بلادهم أشرف معارك الحياة.


كانت ليلة الثلاثاء الماضي، حيث الجمع الغفير، والحضور الكثيف، والقامات الأكاديمية الباهرة تتقدمهم الأمين العام لمجلس التعليم العالي نائبة رئيس مجلس الأمناء سعادة الدكتورة الشيخة رنا بنت عيسى بن دعيج آل خليفة راعية الحفل والتي شرفتنا بالحضور وبإلقاء كلمة ستظل ماثلة في أذهاننا من حيث مواكبتها وتفهمها مقتضيات اللحظة، ومن حيث قدرتها على الوفاء بالوعود، وصون الصروح، والعمل الدءوب على أن تكون بلادنا في مكان أفضل، وتعليمنا في منطقة تطرزها الإبداعات، ويزينها المتفوقون، وتباركها العناية الإلهية.


لقد شاركتنا النخب حفلنا الساهر البهيج لتضيف إلينا قيمة خالصة من قيم المجتمع البحريني الواحد، المتآخي، المتحاب، المتصالح مع نفسه، ومع مشاريعه الوطنية الخلاقة، وهل هناك أسمى من التعليم لكي نُشيِّد لأجله الصروح، لكي نبني من خلاله على ما فات، ولكي نضع بلادنا وسط منظومتها الخليجية المباركة، كمركز أيقوني للإشعاع والتنوير؟


هذا ما درجنا عليه منذ نعومة أظافرنا، أن صنوان بلادنا هو العلم، وأن تاجها العالي هو تميزها واستباقياتها بين شقيقاتها في المنظومة، هذا ما لمسته خلال الآونة الأخيرة، وهو ما كنت أؤمن به دائمًا بأن قادتنا وحكمائنا قادرون على بسط دعائم النهضة، بل وعلى تتويج هذه الدعائم بإجراءات وبرامج ومشاريع عملاقة تستطيع النهوض بالمجتمع، والارتقاء بالشعب، والوفاء بمتطلباته وحاجاته الحياتية المتزايدة.


لقد جاء حفل متفوقي “الأهلية” هذه السنة ليقدم إلى الوطن فريقًا متميزًا جديدًا من القادرين، والفاهمين، والمستوعبين لحدود العلوم الحديثة، والتكنولوجيا الفائقة، والذكاء الفطري عندما يختلط طوعًا بالذكاء الاصطناعي، لقد كانت ليلة شهد فيها الوطن كتيبة مبدعين جديدة من خريجينا لكي يأخذوا مواقعهم المستحقة خدمة لبحريننا الغالية، ووفاءً منهم بالعهود والوعود، وتأكيدًا من جامعتنا ومنا بأن هذا اللفيف من المتفوقين شأنه في ذلك شأن من سبقوهم سوف يضيفون جيلاً جديدًا مبدعًا في وظائفهم التي سيحصلون عليها، وفي مواقعهم التي قد تكون بمثابة بشرة الخير لهم ولبلادهم.


لقد تم تخريج المئات من متفوقي جامعتنا “الأهلية”، ونحن نعلم كم أبلى هؤلاء بلاءً أكثر من حسن بعد أن ذهبوا إلى سوق العمل متسلحين بالعلم والإيمان بالتفوق والتميز الذي اكتسبوه طوال سنوات تلقي أرقى العلوم والفنون والآداب من جامعتهم الفتية، ونحن نعلم تمامًا كم هو فخرنا واعتزازنا بهم، وكم هو مقدار عطاءاتهم لعملهم ووطنهم، وكم هو الأمل لكبير في هذا اللفيف المتفوق الجديد الذي يبشر بعطاء ليس له حدود، وتفوق مماثل في أسواق العمل مثلما هو الحال خلال سنوات الدراسة.


إن ذلك التجلي الذي حظيت به تظاهرة متفوقي “الأهلية” في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك، لهو تأكيد جديد على أن التعليم العالي سيظل بمثابة الطريق الذهبي المفروش بالاجتهاد والكد والعرق؛ من أجل أن يكون لبلادنا مكانًا تحت شمس التنوير الساطعة، وأن يصبح لنا دورًا تشاركيًا مؤثرًا في منظومة العلوم المعرفية المعاصرة، بل أن يكون لدينا موقفًا وعملاً دءوبًا نساعد من خلاله على إيجاد حلول ناجعة لمشاكل الإنسانية، ومفاجآت الكون الخيالية، وهجمات الطبيعة الغادرة.


لقد سهرنا مع أبنائنا وبناتنا المتفوقين والمتفوقات في ليلتهم المباركة حتى اتضح لنا جليًا ذلك الخيط الفاصل بين النجاح والتفوق، بين نهاية مرحلة وبداية أخرى، ثم بين تاريخ سابق التجهيز ومكتوب بأحرف من نور، وتاريخ آخر يستعد متفوقونا لأن يكتبوه بأحرف من ذهب .. وكل عام وبلادنا الغالية بألف خير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .