العدد 4926
الأحد 10 أبريل 2022
banner
التعليم في برامج "النواب"
الأحد 10 أبريل 2022

يبدو من قراءة الطالع، من استشراف المستقبل مع ذوي الاختصاص، أن ماراثون الاستحقاق الانتخابي للبرلمان القادم قد أطلقت شرارته الأولى، اتضح ذلك جليًا من خلال التصريحات التي تخرج علينا بين الحين والآخر، من نائب مازال على كرسيه الوثير، ومن ساعٍ إلى نيل شرف العضوية تحت قبة هذا المجلس المهيب، هو استحقاق دستوري لجميع المؤهلين لخوض غمار منافسات معركة "النواب" في زيها المُحسن البديع، في برامجها الانتخابية التي قد تحسم بعيدًا عن أية عوامل المنافسات لصالح البرنامج الأفضل.


التعليم وبالتحديد التعليم العالي لم نجده واضحًا في برامج نوابنا خلال الدورات السابقة، كان كل شيء يرتبط بالتعليم مركونًا على رف الحالة المعيشية والإسكانية والمرافقية للمواطن، كان التعليم جالسًا يترقب برنامجًا جسورًا يأخذ بيد القائمين على المنظومة، ويضرب بيد من حديد باتجاه رعاية أكثر دراية بأحوال التعليم الجامعي وبالتحديد الشق "الخاص" منه.


نحن نعلم أن سُلطة أي مجلس نيابي تقوم على التشريع والرقابة على الحكومة، على تلبية احتياجات المواطن، والوفاء بالتزامات الدولة تجاهه.


ونحن نعلم أن الشق التنويري في الخطاب الانتخابي النيابي مازال متراجعًا، مازالت الثقافة وحرية التعبير وأقصدة الاستثمار في العلوم والبحوث والفنون ركيكة التعاطي، شحيحة المستوى، بعيدة كل البعد عن مناجاة العقول بما تفهم، ومخاطبة النفوس مثلما تشتهي.


ونحن نعلم أن الجامعات الخاصة قد واجهت العديد من التحديات خلال السنوات الأربع الماضية، أكثرها صعوبة تلك التي ترتبط بالاعتراف الخليجي المتبادل بالاعتماد الأكاديمي، الاعتراف التلقائي الناجم عن اعتماد وطني خاضع لمختلف قواعد ومعايير الاعتراف المماثل في الدول الخليجية الشقيقة.


وأرى مثلما يرى الكثيرون غيري أن المجالس النيابية يمكنها أن تلعب دورًا محوريًا مهمًا في تشريع وتقييس تلك الخطوة، صحيح أن الاعتماد الأكاديمي لا يحتاج لتشريع فهو اعتماد قائم على تشريع منطقي يرتبط بلوائح وقوانين تأسيس الجامعات في الأساس، لكن التحرك النيابي، بل والاهتمام النيابي يشحذ همم الحكومات، وتشجيعها للإسراع في العمل الفوري بجميع الاعتمادات الأكاديمية التي تؤهل جامعاتنا لاستقبال الطلبة من أبناء المنطقة، هو بالضبط ما يمكن أن يدخل في صميم عمل النواب الحريص دائمًا على الدفع بعجلة الاقتصاد، والبحث عن وسائل ناجعة لفتح منافذ جديدة للاستثمار في التعليم الجامعي الخاص، هو في حد ذاته ما يؤدي إلى مضاعفة ناتجنا القومي الإجمالي، وهو في حد ذاته ما يؤدي إلى تقوية أوضاع الجامعات الخاصة التي تعاني الأمرين من شح الطلبة، واستحواذ الجامعات الحكومية على معظم خريجي المراحل الثانوية وهو ما يكلف الدولة أموالاً طائلة، هي معادلة ليست صعبة أن يحدث الإحلال من دون أن يتحمل المواطن تكلفة أعلى أو نفقات أفدح، أو تعليمًا ليس على المحك.


التعليم بل التعليم الجامعي خصوصًا في البرامج الانتخابية للنواب ربما يأتي من الأهمية بمكان، بحيث يصب في مصلحة اهتمامات البيت، وصاحب العمل، والأكاديمي، والمسئول، بحيث يضع مختلف أطراف المنظومة أمام مسئولياتها حتى يصبح لدينا تعلميًا جامعيًا يحاكي نظيره في الدول المتقدمة، خاصة تلك التي اعتمدت في انطلاقتها الحضارية الكبرى على ما يأتي من جامعاتها الخاصة مثل هارفرد وديوك وبرنستون ومعهد إم.آي.تي وغيرها من آفاق علمية طورت التكنولوجيا الرقمية، وصعدت بالولايات المتحدة الأمريكية إلى قمة الهرم العلمي والحضاري، وأصبحت الدول الكبرى يقاس مستوى تقدمها بمستوى تقدم جامعاتها، ومستوى تألقها بمستوى تألق جامعاتها.


نحن نعلم أن الوقت يداهمنا وأن الزمن إذا لم يتم توظيفه بأسرع آلية ممكنة، فإن جامعاتنا أو مجالسنا النيابية أو منظومة البلاد المؤسسية ستظل دائمًا على المحك، بل إنها ستبقى رهينة للاختبار الصعب والتحدي الأصعب، ماذا نريد بالتحديد من مجالسنا، ومن جامعاتنا، ومن مؤسساتنا الفاعلة حتى نعيش الأيام الأجمل التي لم نعشها بعد؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .