العدد 4919
الأحد 03 أبريل 2022
banner
و... كل عام وأنتم بخير
الأحد 03 أبريل 2022

دخل علينا شهر رمضان الفضيل ونحن نودع أو نكاد حالة الهرج والمرج التي أصابت الكون من شدة هجمات كورونا، ربما تكون تلك هي المرة الأولى منذ ثلاث سنوات ونحن لا نعيش حالة طوارئ خوفًا من المجهول، خشية هجمات الفيروس القاتل، ربما تكون تلك هي المرة الأولى منذ ثلاث سنوات ونحن نستقبل الشهر الفضيل من دون فرض صارم لارتداء الكمامات، أو تحذير قاطع من أن القادم قد يكون أسوأ، أو تعميق مبرمج لإجراءات الاحتراز والسلامة والعمل بمقتضيات “الإشارة الضوئية”.
قبل أيام فقط أصدر الفريق الوطني قرارًا بعدم ضرورة ارتداء الكمامات في الأماكن المفتوحة، ترك الخيارات للناس بعد أن تعلموا من دروس الجائحة جيدًا، بعد أن ارتفع الوعي النوعي للمواطن والمُقيم إلى حدود يمكن بعدها الاعتماد على أنفسهم، ويمكن قبلها الذهاب إلى مناطق مختلفة من الفحوصات السريعة الناجعة والإجراءات التلقائية الواقية.
دخلنا إلى الشهر الكريم وكلنا أمل في أن نعيش شهرًا للعبادة وليس شهرًا للخوف، شهرًا لاستلهام العبر والارتقاء بالنفس وتنقيتها من شوائب الحياة القاسية، وليس شهرًا للولائم والعطلات المصطنعة والكسل المقصود.
“شهر رمضان الذي أُنزِل فيه القرآن”، هو شهر للعمل والكفاح، للجهاد وسهر الليالي في التحصيل العلمي والاجتهاد الشخصي من أجل عالم أفضل ووطن أجمل.
رغم كل ما وصلنا إليه في مكافحة جائحة كورونا ومشتقاتها، ورغم ما تحقق على الأرض من إنجازات ودروس مُستفادة، إلا أن حالة عدم الاستقرار التي يمر بها العالم بعد أن أُطلقت صفارات الإنذار في مختلف المدن والقرى الأوكرانية، وبعد أن تحركت روسيا باتجاه حلفاء الأمس، لكي تمنع عنهم “الناتو” بأي ثمن، ولكي تحاصر ما يمكن محاصرته من أراضٍ يعتقد بوتين بأنها تُشكل تهديدًا مباشرًا وسافِرًا على أمن روسيا القومي.
أصبح العالم يعيش ترهات العقوبات الدولية وآثاره الفتاكة التي قادتها الغرب بمنتهى الشراسة ضد روسيا وحلفاؤها، نحن لسنا بصدد رصد لما حدث، أو بتجميع معلومات أصبحت معروفة ومفهومة للعالم بأسره، لكننا نتحدث ونحن نعيش الأيام المباركة مع الشهر الكريم حتى يكون لدينا دور، اختبار للإرادة، كيف نواجه الآثار الفادحة لهذه الحرب، يقولون إنها رفعت أسعار النفط لما فوق الـ 110 دولارات، ويقولون إن في ذلك خير وفير، وازدهار مؤكد، حيث الميزانية المنتعشة والعائدات المرتفعة، والطفرات المتوقعة، ويقولون إن ذلك لا يعني رغدًا في العيش، ولا رخاءً لا محال، تمامًا مثلما لا يعني وضعنا في خانة “أغنياء الحرب”؛ لأن ارتفاع أسعار النفط لا تعني ثراءً مطلقًا بقدر ما تعني تضخمًا في أسعار كل شيء، ركودًا ربما في الأسواق، وزخمًا باتجاه تراجع النمو الاقتصادي بدلًا من زيادته على أقل تقدير.
إذًا إعادة ترتيب الأوراق، والوقوف على حقائق اللحظة بعقل، أهم ما يمكن أن يواجهنا من تحدٍ ساخر ونحن نستقبل ارتفاع النفط بهذا الاستخفاف، وبتلك الفرحة والبهجة؛ لأن الميزانيات الحكومية المعتمدة قد تم العمل بها على أساس 66 دولارًا للبرميل وليس في ضوء الـ 110 دولارات، الفائض في الميزانيات قد يذهب لتغطية أعباء مديونيات محلية وخارجية متراكمة، وزيادة النفط تعني زيادة في أسعار كل شيء تقريبًا.
إذًا لابد لنا من التفكير بصوت مسموع، بطريقة وضع الحصان أمام العربة حتى لا يهرب الحصان، وتنزلق العربة، لابد وأن نحترز من أنفسنا أكثر من احترازنا عند التعامل مع جائحة على وشك الرحيل، أو هكذا تذهب تقديراتنا، لابد وأن ندرس حالة الأسواق جيدًا وألا نربط كل شيء بالنفط حيث النمو الزائف، والازدهار المؤقت، والفرحة التي لا تدوم، وكل عام والعالم الإسلامي ومملكتنا الحبيبة البحرين وقيادتها وحكومتها الرشيدة وشعبها الوفي بألف خير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية