+A
A-

"سنوات الجريش" ومرحلة حرجة من التاريخ

بينما تتناول أغلب المسلسلات العربية المشاركة في السباق الرمضاني لهذا العام قضايا متنوعة تتراوح في أغلبها بين المواضيع الاجتماعية وأخرى كوميدية، يعود مسلسل "سنوات الجريش" بالمشاهد الكويتي والعربي إلى مرحلة حرجة من التاريخ، ويحمله إلى فترة من تاريخ منطقة الخليج العربي ليعرف ويعيش تداعيات الحرب العالمية الثانية على المنطقة، وشبح المجاعة الذي زار أغلب البيوت.


ولا تزال الحرب العالمية الثانية وكذلك الأولى تحظيان بالدراسة والتحليل، على شتى الأصعدة، فحتى وإن انتهت الحروب فالمآسي والخسائر لا يمكن تجاوزها بسهولة.


ويصنف مسلسل "سنوات الجريش" من قبل النقاد بأنه عمل تراثي، ويشارك في بطولته حياة الفهد وهبة الحسين وبشار الشطي وحمد العماني وحسن البلام وعلي السبع وليلى سليمان وحبيب غلوم وعبدالله الخضر، وهو من إعداد سامي العلي وإشراف يوسف الغيث وإخراج مناف عبدالله.


ويخوض المسلسل المنافسة بقوة هذا العام حيث تتناول قصته أحداثا واقعية حدثت بالفعل في دول الخليج العربي خلال فترة الأربعينات من القرن الماضي، وتحديدا حول فترة الحرب التي عاشتها دول الخليج أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، وما نتج عن هذه الحروب من شهداء وجرحى ومشردين وخاصة المجاعة التي تعدّ الأزمة الأكثر شهرة بين العرب في بداية القرن الماضي.


ودفعت تلك الأزمة الناس إلى إسكات بطونهم الفارغة بأكل “الجريش” (البرغل) الذي تقوم الحكومات الخليجية بتقديمه في ذلك الوقت وتوزيعه على العائلات من خلال البطاقات التموينية لحماية الناس من الموت جوعا.


وذات يوم “ستنتهي الحرب ويتصافح القادة وتبقى تلك العجوز، تنتظر ولدها الشهيد وتلك الفتاة، تنتظر زوجها الحبيب وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل”، وفعلا تنتهي الحرب العالمية الثانية ويعود الهدوء إلى دول الخليج العربي وتظل والدة الشهيد تنتظر عودة ابنها سالما من الحرب، لكنه لا يعود فتدخل الأم في رحلة انتظار لا نهاية لها ولا جدوى منها.


وبالعودة إلى التاريخ، كانت منطقة الشرق الأوسط هادئة نسبيا في الشهور الأولى من الحرب العالمية الثانية، وعقب هجوم إيطاليا على فرنسا وبريطانيا في العاشر من يونيو 1940؛ غدت منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط الساحة الرئيسية للحرب، واستمر ذلك حتى دخول الجيش الثامن التابع لدول الكومنولث إلى تونس بعد عبورها أراضي ليبيا، وفي فبراير 1943 سلم الجيش الثامن التابع لدول الكومنولث منطقة الشرق الأوسط لمركز قيادة قوات الحلفاء، وعادت المنطقة إلى الهدوء حتى نهاية الحرب.


 وقد وضعت الحرب العالميّة الثانية بين عامَي 1939 و1945 كل ثقلها على منطقة الخليج العربي، ما أدّى إلى حدوث نقص كبير في مخزون الحبوب في المنطقة وبالذّات في الأرز والقمح، ما تسبّب في حدوث أزمة غذاء في المنطقة عانى منها الأهالي والمقيمون على أرضها.


وانصرف همّ السلطات البريطانيّة القوة الاستعمارية في المنطقة آنذاك لتوفير الأطعمة والغذاء للقوات المقاتلة على الجبهات المختلفة، والمتوزّعة في أكثر من قارّة متجاهلة الشعوب.


وبطلة مسلسل “سنوات الجريش” حياة الفهد ولدت بعد الأزمة بسنوات قليلة ورغم أنها لم تشهد على أحداثها إلا أنها بالتأكيد شهدت على تداعياتها الممتدة لسنوات.


وكانت قد كشفت في وقت سابق عن الأسباب التي دفعتها إلى المشاركة بهذا المسلسل، وقالت إنها تهتم بالتاريخ والبحث في الأحداث التاريخية التي تهم بلدها الكويت والمنطقة العربية. وبالفعل كانت لها تجربة سابقة في البحث في تاريخ يهود الكويت في مسلسل “أم هارون” الذي عرض في العام 2020 وأثار ضجة واسعة ورفعت ضده الكثير من الدعوات القضائية.


والفهد المولودة في عام 1948، والملقبة الآن “بسيدة الشاشة الخليجية”، انتقلت من موظفة بمستشفى في الكويت إلى واحدة من أشهر الممثلات العربيات، واستطاعت خلال عقود أن تبدع في الأعمال التي قدّمتها، وحازت خلالها العديد من الجوائز والتكريمات، ومرت بالعديد من الأزمات أيضا.​