العدد 4855
السبت 29 يناير 2022
banner
المسألة الديمقراطية ونقد الظاهرة الشمولية
السبت 29 يناير 2022

من جملة ردود الفعل التي تلقيتها على مقالي السابق "الشمولية وتقديس الزعامات" ثمة قائل: إن هذا ليس وقت نقد إيران وحزب الله، لئلا يستفيد منه أعداء القضية الفلسطينية! ومعترض آخر على قولي بأن حكم الملالي وحزب الله متطفلان على القضية الفلسطينية، ولأني لا أرى الحوار مع القراء بالكتابة المتبادلة في "الواتساب" مجدياً، بل مضيعة للوقت؛ فسأكتفي بتكثيف ما كُنت أنوي طرحه في ثلاث نقاط أساسية لعلها تتضمن توضيح ما قصدته: الأولى: إن حزب الله هو في الأساس مشروع إيراني لإيجاد موطئ قدم لنظام الملالي في المنطقة العربية لتسويق آيديولوجيته لتكون عابرة للطوائف براية فلسطينية، ولم ينطلق هذا المشروع مطلقاً من غايات أخوية جهادية، ومن ثم فإن إرادة حزب الله – كحزب "مقاوم" مناصر للقضية الفلسطينية - إنما مرهونة بالكامل لطهران تبعاً لمصالحها وسياساتها في المنطقة لا مصالح القضية الفلسطينية. وللمحافظة على تكوينه الطائفي وإحكام سيطرته آيديولوجياً على مقاتليه بعقيدة قتالية مغلقة، فإنه يستلهم ويستحضر معركة من التاريخ الإسلامي (واقعة الطف) ويقحمها في قضية تحرر وطني تخص الشعب اللبناني بكل مكوناته، وذات شروط وسياقات راهنة مختلفة تماماً عن شروط وسياقات تلك المعركة، ولم يأتِ عبثاً رفض قيادته المتكرر لطلبات قوى وطنية وفلسطينية الانضمام إلى تشكيلاته "المقاومة" إبان الاحتلال الإسرائيلي. 
الثانية: حينما يتبنى أي حزب "مقاوم" قضية شعبه الوطنية ويدعم القضية الفلسطينية بعقلية شعبوية شمولية فهو يضر القضيتين معاً ولا يسدي لهما دعماً، مهما كانت تضحياته وتشدقاته في هذا الصدد. 
الثالثة: لا أتفق مطلقاً مع مقولة تأجيل النقد بذريعة "لئلا يستفيد منه أعداء القضية الفلسطينية"، لأن المستفيد الأول من تأجيله نظام الملالي نفسه وتابعه حزب الله، فحيثما أتيحت الفرصة لنقد مظاهر الشمولية والشعبوية ومقت الرأي الآخر في حياتنا السياسية العربية يجب انتهازها، بغض النظر عما إذا التقت مع سياسات ومصالح هذا الطرف العربي أو ذاك الطرف العربي، لأن التأجيل ينطوي على خيانة المسألة الديمقراطية التي ما برحت ألسنتنا تلوكها، والحال أن القوى السياسية العربية تفقد مصداقيتها في المسألة الديمقراطية إذا ما قايضت صمتها عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران بتأييدها المزعوم للقضية الفلسطينية!.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية