+A
A-

الروايات البحرينية الموجهة لليافعين على منصة مختبر سرديات البحرين

بمناسبة اليوم العالمي للطفل، نظم مختبر سرديات البحرين أمسية تناول فيها موضوعا قل ما يتناول على الساحة الثقافية، وهو الروايات البحرينية الموجهة لليافعين، وجدة هذا الموضوع تعود إلى أن هذا النوع من الأدب بدأ الاهتمام به مؤخرا فقط وفي محاولة لإحصاء هذه الروايات، وجدنا أن عددها أقل من عشرين عملا، وأغلبها صدرت في السنوات الخمس الأخيرة. وحتى على مستوى دول الخليج، فإن بروز الاهتمام بهذا النوع من الروايات لم يحصل سوى في السنوات العشر الأخيرة.
في مستهل هذه الأمسية التي أدارتها الكاتبة شيماء الوطني، تحدث ثلاثة من الكتاب عن تجاربهم مع الكتابة لليافعين.
محمد منصور سرحان، صاحب العدد الأكبر من الروايات الموجهة لليافعين، والذي تتسم أعماله بمنحى الإثارة والبوليسية، تحدث عن تجربته في كتابة خمس روايات لليافعين، فضلًا عن القصص الموجهة للفئة ذاتها، وذكر أن تجربته في العمل مرشدا اجتماعيا في إحدى المدارس قربته من عالم اليافعين النفسي والاجتماعي بشكل كبير، ثم عندما انتقل للعمل كرئيس لإحدى المكتبات العامة، وجد أن عالم الكتب والمكتبات هو بيئة مناسبة جدا لمجريات بعض رواياته.
وأشار إلى أن شغفه بالروايات البوليسية بدأ باكرًا عندما كان ولعًا بقراءة هذا النوع من الروايات ومشاهدة الأفلام البوليسية، وأخذه ولعه إلى حد دراسة (علم الإجرام) في بريطانيا خلال وجوده هناك.
كما عدّد بعضًا من الصعوبات التي واجهته عند الكتابة لليافعين خصوصًا البوليسية، ومنها التحدي في إيجاد فكرة مميزة، ثم التحدي في إخفاء المجرم طوال الرواية.
وأشار إلى ضرورة البحث العلمي لكتاب الرواية، وضرب مثالا بأنه في رواية "جلمود فأر المكتبة" بنى الأحداث على أن الفأر سيعيش خمس سنوات، إلا أنه بعد بحثه عن عالم الفئران وجد أن الفأر يعيش بمعدل ثلاث سنوات فقط، لذلك اضطر لتغيير ذلك. وكذلك فعل في روايته "عودة جاك السفاح" عندما سافر إلى لندن ليتأكد من جغرافية المدينة ودقة وصف الأماكن في الرواية. أما في روايته الأخيرة "جريمة في زمن الكورونا"، فإنه احتاج إلى التدقيق في مراحل تطور الوباء والتواريخ المهمة التي مرت بها مسألة التعامل معه.
أما الكاتب جعفر يعقوب الذي له روايتان لليافعين، فهما "حارس زهرة الأوركيدا" و"أريد أن أكون راوية"، فقد تكلم عن تجربته، وذكر أن أهم تحدّ صادفه هو تحدي اللغة، حيث سعى ليكتب بلغة ثرية وليست سطحية وفي الوقت ذاته تناسب اليافعين، وأكد أهمية أن نعيش مع اليافع ونعيش ثقافته وننخرط في حياته، فكثيرًا ما نجد أن أولادنا يتفوقون علينا في المعرفة، فمن غير المعقول أن نكتب لهم باستخدام الصور النمطية الموجودة لدينا.
الكاتب جابر خمدن الذي كتب روايتين للكبار ورواية لليافعين بعنوان "نوراس وقطتها السوداء"، تحدث عن التحدي الأكبر الذي واجهه والمتمثل في استخدام اللغة المناسبة.
مريم الزرعوني، الفنانة والكاتبة الإماراتية، انتقدت تصنيف أدب اليافعين على أنه فرع من فروع أدب الطفل، بل دعت إلى اعتباره قسمًا قائمًا بذاته، وذكرت أن روايات الكبار وقصص الأطفال سرقت الأضواء عن روايات اليافعين، ومن أجل تسليط الأضواء عليه دعت إلى مضاعفة الاهتمام بهذا الأدب من خلال ورشات متخصصة تدفع الموهوبين إلى توظيف مهاراتهم للكتابة لهذه الفئة.
وفاء الشامسي، الكاتبة والأكاديمية من سلطنة عمان، والمحكمة في عدد من مسابقات أدب الأطفال واليافعين وآخرها مسابقة عبدالحميد شومان، تساءلت في مستهل مشاركتها عن الأسئلة التي تدور في عقل هذه الفئة، الأسئلة التي تبدو شبه متناقضة، مثل سؤال: هل أنا طفل أم أنا كبير؟ من أنا وماذا أريد؟ بالإضافة إلى الإشكالات الكبيرة على المستوى النفسي والشعوري.
وشددت الشامسي على ضرورة الاقتراب من هذا اليافع ومن عالمه، وأن نفكر في الاهتمامات التي تشغله، وذكرت العديد من التحديات التي تواجه الكتابة لليافعين، ومنها التركيز على السرد وإهمال التشويق والإمتاع، أو عدم الإقناع على مستوى الأحداث أو الشخصيات، واختتمت مشاركتها بذكر الأضلاع الخمسة التي اعتبرت أنها أساسية فيما يكتب لليافع، وهي أن تحتوي على: متعة، دهشة، طرافة، تحدٍّ، ومعرفة.
أما الكاتبة الكويتية تسنيم الحبيب، والتي لها اطلاع على الكثير من الأعمال البحرينية، ففقد ذكرت أنها أحبت هذا الحراك في البحرين، والتوجه لأدب الناشئين، وقسّمت الأعمال التي اطلعت عليها إلى ثلاثة أقسام:
الأول، وهي الروايات المنطلقة من عالم قلق الناشئ، وضربت مثالًا رواية "مشي سريع" لحسين خليل، التي تميزت بالإيقاع السريع في أحداثها، وهو ما يتلاءم مع شخصية المراهق الذي لا يحب المطّ في الأحداث، وذكرت أنها رواية معجونة من قلق الناشئ، ومقدمة من الأمور التي يمسها فيتفاعل معها وفق منظوره.
الثانية هي الروايات التي تصنع فضاءً ممتدًا خارج بيئة الناشئ، وضربت مثالًا رواية "ما لا نراه" لشيماء الوطني، التي نرى فيها المقهى، على أساس أنه بيئة جديدة بالنسبة للناشئ، وهو مصنع الحكايات في الرواية.
الثالثة هي الروايات التي تكسر القوالب المعتادة، وتخلق عالمًا مختلفًا، يقوم على أساس أنسنة الكائنات الحية بل وغير الحية أيضًا، وضربت مثالًا رواية "أريد أن أكون راوية" لجعفر يعقوب، التي نحت المنحى الإنساني، ومررت كل رسائلها.