العدد 4756
الجمعة 22 أكتوبر 2021
banner
الباحث أم المانح للفرص
الجمعة 22 أكتوبر 2021

لم تكن الوظيفة في زمن من الأزمان هماً للشباب، بل احتراف ما يجدونه حولهم، أو استغلال مهاراتهم التي حباهم الله بها، وكان العامل المشترك بينهم جميعاً على المستوى العام الإنتاج الغزير؛ أي أنهم كانوا على اختلاف مستوياتهم ومداركهم أيادٍ وعقولا منتجة، ليست استهلاكية أو تتلقى الأوامر وحسب، دون اجتهاد أو ابتكار.
ويبدو أن التطور الصناعي والتكنولوجي والثراء النفطي الذي غزا العالم في القرن الماضي، هو الذي خلق أجيالاً – ليس على العموم بالطبع – هدفها الأسمى الحصول على الوظيفة فقط! وازداد بعد ذلك الاهتمام بالتعليم مع بدء الألفية الثالثة، في الوقت الذي كان إكمال التعليم الجامعي قبل ذلك ليس مهيمناً على تفكير الشباب والأسر، بل الحصول على الوظيفة في الشركات الكبرى مثلاً، وما شابه من جهات يعتقد أنها تضمن مستقبلاً جيداً للأبناء. 
وتبنت الكثير من هذه الطاقات لسبب أو لآخر التعلم سبيلاً للحصول على وظيفة، وتتباين الآراء ما بين جدوى الحصول على وظيفة في القطاعين العام والخاص، فلكل منهما مميزاته الخاصة، وأكثر ما يشاع عن الوظيفة العامة أنها مضمونة المستقبل، بينما القطاع الخاص قد يكون محفوفاً بالمخاطر والمفاجآت. على كلٍ، هناك مبدأ يتبناه الكثيرون، وهو حرص الفرد على ارتهان مستقبله بكاهل شخص أو جهة معينة، ما يبقيه في مستويات مادية متقاربة، كما أن مجهوده طوال سنوات خدمته تستفيد منه جهة عمله، في حين أن المؤمن بقدراته، والمبقي على كفاحه وإصراره، يمكن أن يحقق له مستقبلاً أفضل بكثير من المعتمد على الغير، أو العامل لأجل سين من الناس. 
إنَّ الثقافة السائدة بأن التعليم بتخصصاته المختلفة هو الذي يمنح الفرص، وأنه وسيلة للحصول على الوظيفة فقط، ثقافة لن تجدي نفعاً في المستقبل المنظور؛ لأن التعليم وسيلة لكسب المعارف، وتوسعة المدارك، وتطوير التفكير، وتبادل المعلومات حتى يصبح الفرد مؤثراً ومنتجاً في المجتمع، وأقوى عن ذي قبل، ولربما مانحاً للفرص في يوم من الأيام، وليس مجرد باحث عن وظيفة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية