العدد 4754
الأربعاء 20 أكتوبر 2021
banner
سنوات ينتظرون بيت الإسكان.. والأبناء محرومون من الخصوصية
الأربعاء 20 أكتوبر 2021

ما أكثر من يحاول أن يطلي وجهه بألوان الفرح والرضا والقناعة، لكنه في حقيقة الأمر في سباق مع الموت من أجل الحياة، والذعر من المجهول يحاصره في جميع الاتجاهات، كل شيء مرهون بلغة زمانه وحدود النظرية والواقع الذي يعيشه الإنسان، ولغة هذا الزمن أجبرت الكثير من المواطنين الذين يسكنون في بيوت أهاليهم أو في شقق مؤجرة منتظرين بيت العمر، على نسيان الضحكات والجلوس على حافة الأفق بأقدام عارية، وكأن ملايين الأذرع تخنقهم من كل صوب.
هناك مواطنون ينتظرون بيت الإسكان أكثر من 14 سنة، والمشكلة التي تمكث طويلا معهم هي في الأبناء الذين يكبرون أمام أعينهم ويصلون إلى سن المراهقة وبعضهم الزواج، وجميعهم محشورون في حجرة أو حجرتين في بيت الأهل، وهذه قضية متعارف عليها في مجتمعنا، حيث من الصعب جدا على حديثي الزواج الخروج في شقة، وحتى لو افترضنا أن حقول الذرة قد اكتملت وخرج الشاب مع زوجته في شقة، ستبقى الصورة الموجعة الذابلة أمامه، والمتمثلة في عمر الأولاد والبنات عندما يكبرون.
أعرف صديقا يسكن في بيت أهله ولديه ثلاث بنات، أكبرهن 12 عاما، يرتعد الجسد كله عندما تستمع إلى معاناته مع الوضع، فالمكان به غرفتان، وإحدى الغرف للبنات، لكن الغيوم البيضاء تتحول إلى سوداء متشردة عبر الفضاء بسبب الشجار بينهن، فكل واحدة تريد أن تكون الأولى في كل شيء، والسؤال الذي يتفجر في لحظة.. ماذا لو كان هناك أولاد معهن؟
لا أعتقد أن هناك رأسا يتسع للكثير من القصص المشابهة، سنوات تطوى على المواطن في بيت أهله أو في شقة، والأبناء يكبرون في مكان أشبه بصندوق خشبي أو فانوس، وكل نائب يأتي ويحمل على كتفه آلة تصوير ويوثق ثم يرحل وهكذا. ليس صوت احتجاج يخرج مني ككاتب على هذا الألم الهائل، إنما صوت مساعدة لهؤلاء المواطنين عبر إيجاد آلية تسرع تسليمهم الوحدات السكنية، فو الله هناك من يتلوى ألما وصوته تردده الجبال والوديان، ولم تبق لديه أية رغبة في الحياة سوى الحصول على بيت إسكان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .