العدد 4746
الثلاثاء 12 أكتوبر 2021
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
الأخطبوط العملاق
الثلاثاء 12 أكتوبر 2021

من أهم المعلومات التي قرأتها عن الأخطبوط أنه الحيوان الأذكى في عالم اللافقاريات، والسبب إمكانياته الهائلة في تعلم أي سلوك من خلال الملاحظة، فهو يحتاج إلى أقل من ثانية للتلاعب بجلده بدقة بالغة وتغييره بسرعة كبيرة، ويستطيع أن يغير سلوكه ليحاكي المخلوقات البحرية الأخرى بقدرة قائقة.
واستطاع العلماء تحديد ذكاء الأخطبوط وفقًا لعدد الخلايا العصبية التي يملكها، ووجدوا أن خلاياه العصبية لا تتركز في رأسه، فنحو ثلثي دماغه في أذرعه، وهذا هو السر في غرابة هذا الكائن الذي يستطيع عبور عدة متاهات في لحظات وجيزة، والأمر الذي أود مناقشته اليوم موجه لكل من يقف سدًا منيعًا ضد أفكاره الشخصية، حتى تضمحل ويصبح بلا أفكار، وربما يتطور ليعمل على محاربة أفكار غيره بوضع العقبات والصعوبات.
كثيرون منا في عالمنا المتغير هذا، مازالوا قابعين مكانهم يخضعون لروتين محدد، ويتعاملون معه كمن يحسب جرعاته اليومية من الدواء، فهذا الأمر في غاية الخطورة لأنه يقطع الأفكار والفرص في آن واحد.. على إثر ذلك، اخترت ثلاثة نماذج، وهي لشخصيات تختلف في التوجهات والميول والتخصصات في أسبوع واحد، لأتعرف ما الذي أمامهم، فوجدتهم ينظرون إلى الخلف مع نظرة خجولة إلى الأمام تعتريها مشاعر الخوف والتردد والقلق، توقفت عن النقاش معهم تمامًا حول الأمر ذاته، وتساءلت فيما لو أننا أمام ظاهرة مجتمعية، لكنني حاورتهم حول أجمل ما يقضون فيه يومهم وكيف لهم استشعار الإنجاز الذي يصنع اليوم ذاته ويدفع نحو المزيد من العطاء.
ربما يكون ذلك بمثابة الجرس الذي يساعد أولئك الأشخاص على الانتباه والاستعداد للنظر للأمام وبالتالي تغيير الاتجاه، ومن هنا تتولد الحاجة لاستقبال الأفكار مهما كانت صغيرة، والتي ستتناثر تباعًا في حاجتها للاندماج مع غيرها لتكون تعبيرًا عن كيان اجتماعي تتبادل أطرافه ذات المنهجية لتنمو وتزدهر.
حتمًا سيكون الأمر مختلفًا، وربما تكون منهجية الأخطبوط العملاق الحل الأمثل، عندما يثق كل شخص بما يمتلك من قدرات ويتيقن من مستوى ذكاءاته ومكان تمركزها لديه، ثم يتواءم مع الحاضر، حتى تكون نقطة الثبات التي تشكل حالة النضج في تعميق النظرة للتكيف مع كل الظروف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .