+A
A-

البحرين الثانية خليجيا والثالثة على مستوى المنطقة باستقطاب الاستثمار المباشر

تلعب المؤشرات والتقارير الاقتصادية الدولية دورًا مهمًا في رصد الأداء الاقتصادي إجمالًا لبلد ما وتسليط الضوء على واقع النشاط الاقتصادي وبيئة الأعمال والمناخ الاستثماري في هذا البلد، وخلق التوقعات والتصنيفات بشأنها من خلال المعطيات والحقائق المستقاة واقعيًا من مصادر متعددة من البلد نفسه. وتعد المؤشرات الاقتصادية أداة مهمة من أدوات تعزيز السمعة الاقتصادية للبلدان لا غنى عنها في زيادة الجاذبية الاستثمارية وحيازة ثقة العديد من الاستثمارات المباشرة المتنوعة التي من شأن دخولها إلى البلد المضيف أن يساهم في خلق الفرص الوظيفية في السوق المحلية وتحريك الدورة الإنتاجية للاقتصاد إلى جانب نقبل الخبرات والمعارف.
ولعله من أبرز التقارير الاقتصادية الصادرة أخيرا هو تقرير Greenfield FDI Performance Index للعام 2021 والذي صدر عن “الفايننشال تايمز”، وقد شمل تقييمًا شاملًا لأداء 84 اقتصادًا عالميًا، من خلال استخدام منهجية تقييمية تم إعدادها من قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” لقياس الاستثمارات المباشرة إجمالًا والمقارنة بينها وحجم اقتصاديات الدول بغض النظر عن عمليات الاندماج والاستحواذ والقروض وغيرها من أوجه الاستثمار العابر للحدود.
وفي حين تصدرت كلًا من كوستاريكا وليتوانيا والامارات العربية المتحدة وسنغافورة واستونيا باعتبارها الاقتصاديات الأبرز أداءً في مجال استقطاب الاستثمار المباشر على مستوى العالم إلا أن البحرين عززت موقعها في المؤشر بعدما تقدمت 12 درجة عن ما حققته من مستوى سابق لترتفع إلى المرتبة الـ 15 عالميًا، وذلك مقارنة مع المرتبة 27 عالميًا سابقا، كما أنها جاءت في المرتبة الثانية خليجيًا والثالثة على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ورصد المؤشر للبحرين 3.23 نقطة وتصنيف (أعلى من 1) وهو يشير إلى وجود مساهمة كبيرة نسبيًا للاستثمارات المباشرة في اقتصاد المملكة، إذ يقارن التقرير بين حجم اقتصاديات الدول والاستثمارات المباشرة التي جرى استقطابها في 2020.
ويشير تقدم تصنيف المملكة في تقرير “الفايننشال تايمز” عالميًا وإقليميًا على صعيد استقطاب الاستثمارات المباشرة إلى فعالية ونجاعة منهج “فريق البحرين” الذي تتميز به المملكة في تعزيز التواصل بين المستثمرين والجهات المعنية في القطاع العام إلى جانب نجاح الخطة الاستراتيجية لمجلس التنمية الاقتصادية في تحقيق أهدافه في استقطاب الاستثمارات المباشرة لخلق الفرص الوظيفية في السوق المحلية.
وتزداد أهمية هذا التقرير في كونه يسلط الضوء على الجاذبية الاستثمارية للمملكة رغم ما مرت به دول العالم أخيرا من تحديات الجائحة الالكترونية التي أثرت بصورة كبيرة في المشهد الاقتصادي الدولي، ورغم جسامة هذا التحدي إلا أنه لا تزال بيئة الأعمال في المملكة تكسب ثقة الاستثمارات المباشرة من مختلف أنحاء العالم؛ بفعل ما تتميز به مزايا تنافسية تحظى باهتمام المستثمرين وتساهم في اتخاذهم قراراتهم وأخذها بالحسبان والتي من بينها ما تتميز به بيئة الأعمال من انفتاح وتطور وحرية اقتصادية إلى جانب الكلفة التشغيلية الأدنى مقارنة مع الأقطار المجاورة في المنطقة والمنظومة التشريعية المتماسكة والتي تلبي مختلف المتغيرات التكنولوجية العالمية بالإضافة إلى إمكانات تنمية وتطوير الأعمال للوصول إلى الأسواق الكبرى في المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وبالإضافة إلى ما تنعم به البحرين من موارد بشرية مؤهلة تأهيلًا عاليًا في المجالات التقنية على وجه التحديد.
من المناسب التطرق في ذات السياق إلى ما جاء في تقرير الاستثمار العالمي 2021 الذي صدر قبلها عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” الذي سلط الضوء على ارتفاع الاستثمارات المباشرة الواردة إلى البحرين بمقدار 1.007 مليار دولار في 2020 وذلك في ضوء رصد التقرير لتدفقات الاستثمارات العالمية، وتحليله اتجاهات التجارة إلى جانب السياسات الحكومية الساعية إلى تعزيز التجارة الدولية.
وارتفعت الاستثمارات المتراكمة في البحرين بنسبة 3.3 % في العام الماضي إلى 31.7 مليار دولار على الرغم من تقلص الاستثمارات بنسبة 35 % بين دول العالم إلى تريليون دولار في العام 2020، مع توقع التقرير في وقتها عودة التدفقات إلى الصعود بنسبة بين 10 و15 % في 2021. وأشار التقرير إلى أنه بلغ حجم الاستثمارات المباشرة المتراكمة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي للبحرين 92 %، وهي أعلى نسبة تحققت في دول مجلس التعاون الخليجي وتتجاوز المتوسط العالمي البالغ نحو 49 %، إذ جاء النمو في الاستثمار متركزًا في عدد من القطاعات غير النفطية التي تستهدفها سياسة التنويع الاقتصادي ومنها قطاع التصنيع والتعليم والرعاية الصحية وصناعات تكنولوجيا المعلومات، والتي تشكل الموارد البشرية البحرينية مسببًا رئيسا لحيويتها ونموها.