العدد 4730
الأحد 26 سبتمبر 2021
banner
“الوطني” السعودي
الأحد 26 سبتمبر 2021

احتفت الأمة في الثالث والعشرين من سبتمبر الجاري باليوم الوطني للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، لم يقتصر الاحتفاء بذكرى توحيد الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه للجزيرة العربية على الوطن الأم، لكنه امتد إلى دول المنطقة، إلى الأثر والتأثير الذي تركه الملك عبدالعزيز في نفوس أبناء أمته، في كيفية لم الشمل، ورأب الأصداع، وأهمية أن يكون لعرب شبه الجزيرة العربية كلمتهم الموحدة، وثقافتهم الواحدة، ووطنهم المترابط القوي، ومواقفهم الوطنية الرائعة.

وبالفعل سجل التاريخ ملحمة العاهل السعودي الراحل بأحرف من نور، وأصبح رحمه الله مثلًا يحتذى لرجل مضى على هدى أجداده الطيبين، واتجه نحو أبناء أمته حاملًا مشعل الوطنية والفكر والتراحم بين أبناء الشعب الواحد والدين الواحد واللغة الواحدة.

لقد عاش الملك عبدالعزيز وتفوق وصمد في وجه أشرس الظروف، وأحلك الأزمنة، قاوم ضيق اليد، وضعف الموارد، لم يكن هناك نفط يعتمد على موارده وعائداته، ولم تكن هناك ثروات مدفونة في باطن الأرض، بل كانت هناك إرادة من حديد، إيمان بالله، وبالشعب وبالوطن، إصرار على مواجهة التحدي وأي تحدٍّ.

وبالفعل نجح ملك التوحيد السعودي في أن يلملم أطراف شبه الجزيرة، وأن يجمع الشتات المتقطعة أوصاله، شرقًا في عمق الصحراء، وغربًا بامتداد البحر الأحمر والحجاز وشمالًا بالقرب من أراضي الشام وباديته العظمى، ثم جنوبًا باتجاه اليمن السعيد وجباله الشاهقة ووعورة طبيعته الفائقة، وصعوبة تضاريسه المحلقة.

لقد نجح الملك عبدالعزيز كما لم ينجح زعيم من قبله، رغم مستحيلات الظروف، ورغم لوغاريتمات الطبيعة الشرسة، ورغم شح الموارد وغيبية المردود.

وها نحن اليوم نحتفي بالعيد الـ91 لتوحيد شئون الأمة، لقيام مملكة عربية سعودية لا تغرب عنها الشمس، وتتحدث عنها جميع الأمم بفخر واعتراف بالدور والدولة والتاريخ والقيمة.

ها هو ذا الأثر الممتد من عصر عبدالعزيز إلى مملكة سلمان بن عبدالعزيز، ومن بدايات أيام النهضة إلى أيام الازدهار والاستقرار وإرساء معالم الحضارة في شتى بقاع المملكة المجيدة.

وها هو ذا الدرس العظيم يأتي إلينا من بني جلدتنا، من تجربة زعيم يفهم في قوة شعبه، في ثقافة أمته، في إدارة بنيه، فأسس في المهد دولة، وبنى على أمجاد أجداده وطن، وأقام على ما فات صروحًا وإنجازات لا تغرب عنها الشمس.

ويأتي العيد الوطني السعودي هذه السنة والأمة بل والعالم يكاد يخرج من عنق زجاجة أعتى جائحة جثمت على الكون وأصابت الاقتصاد في مقتل، لكنها في الوقت نفسه ألهمت قيادات المنطقة وشعبها الكثير من العبر، وأطلقت من داخل مكنون التراث إرادة من ذهب، فاستثمرنا الجائحة وأدخلنا علوم التواصل عن بُعد، والتعليم والتعلم من خلال تقنيات الأون لاين والتيمز وغيرها، وأصبحنا نحاكي أمهات العلوم والفنون والآداب ونحن في قلب المعترك، يد تكافح الوباء، وأخرى تُشيّد للبناء، وبالفعل نجحنا ونجحت المملكة العربية السعودية في أن نكون في مصاف الأمم المتقدمة، بل وتفوقنا عليها؛ نظرًا لإيمان قادتنا وشعوبنا بأن مواجهة الجائحة لا يمكن أن يتحقق إلا لو كنا على قلب رجل واحد، وإلا لو كنا بحجم التحدي وعلى مستوى المسئولية، نفهم في محاكاة الطبيعة وغدرها، وفي روابط الجغرافيا وامتداداتها، وفي أواصر المحبة بين الشعب الواحد المجتهد وتاريخه النوراني الطويل.

ونحمد الله ونشكر فضله أننا نحتفي هذه السنة كأمة بعيد تأسيس المملكة العربية السعودية الشقيقة وجميعنا بعون الله في صحة وسلام وسلامة، حيث لا يسعنا في تلك الأيام المباركة إلا أن نستذكر أمجاد الماضي التليد، وأن نواصل العطاء والإباء؛ من أجل أن تكون أمتنا أكثر جمالًا وأصالة، لنرفع بهذه المناسبة السعيدة أصدق التهاني وأسمى الأماني إلى عاهل المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإلى ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وإلى الحكومة والشعب السعودي الشقيق بأن يديم الله على مملكتينا المتحابتين نعمة السلام والأمن والأمان الازدهار والاستقرار.

إنه سميع مجيب، وكل عام وأمتنا بألف خير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .