العدد 4723
الأحد 19 سبتمبر 2021
banner
التعليم العالي وتحديات المرحلة
الأحد 19 سبتمبر 2021

لم تأت الرياح كما تشتهي السفن، لكنها السفن التي تشتهيها الرياح.

هكذا هو الاستثمار في التعليم العالي، تحديات المرحلة وكل مرحلة، وهكذا هي الخدمات التي تسعى المملكة لكي تكون من خلالها مربط فرس في رؤية 2030 التي دشنها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله ورعاه، هي المقصد، وهي المرتجى، مملكة الخدمات الممتازة، وهل هناك أسمى من التعليم لكي يتقلد حق السبق والمشاركة لكي تعلو مملكتنا الحبيبة فوق المنصات، ولترتفع أعلام الوطن في جميع الأنشطة الاقتصادية والمجالات، وليكون فتحًا مبينًا، وتعليمًا أمينًا، وخطوات متأتية، وتلك التي اتبعت سياسة الخطوة خطوة مثلما فعلت أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا ونيوزيلندا.

مملكة البحرين يمكنها أن تكون بوسطن الخليج، ويمكنها من خلال التوجه نحو فتح الباب للدارسين الأجانب من البحرين والمنطقة أن تصبح بحق مثل الدول التي سبقتها، في مصاف الأمم التي حققت من الاستثمار في التعليم عائدات مذهلة.

أستراليا على سبيل المثال قامت بتعيين وزير لشؤون الطلبة الوافدين من الخارج، وأستراليا قبل أكثر من 15 سنة كان عائدها السنوي من هؤلاء الطلبة أكثر من 8 مليارات دولار أميركي ارتفعت في الوقت الراهن إلى أكثر من 40 مليار دولار سنويًا، الولايات المتحدة الأميركية بجامعاتها الخاصة المعتمدة والمعروفة حققت تقريبًا نفس الرقم، وبريطانيا التي عانت الأمرَّين من جائحة كورونا قد تصل بل وتتجاوز سقف الـ 30 مليار دولار سنويًا من الطلبة الوافدين، وربما تناهز رقم الـ 40 مليار دولار خلال سنوات معدودات.

ونحمد الله ونشكر فضله أننا في مملكة البحرين ندرك تمامًا هذه الحقائق، ونعرف أن تصويب الرؤى وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لكي يقول كلمته في شأنه الأكاديمي المرعي، وأن يساهم مع مجلس التعليم العالي وهيئة جودة التعليم والتدريب في وضع إستراتيجية مُلزمة ومعنونة بتاريخ ولوائح في وضع رؤية جديدة للتعليم العالي، يتم من خلالها وضع النقاط فوق الحروف وتحتها، وأن يكون للجامعات الخاصة فيها دور الممهد والمُعد والمُجهز لصياغة مفردات جديدة تشجع المستثمرين على الانخراط أكثر فأكثر في هذا القطاع، الذي ما زال يعمل دون طاقته الاستيعابية، وما زال التحرك لدعم الجامعات الحكومية أكثر بروزًا من ذلك الذي يجب أن يتحقق للجامعات الخاصة، جميعها جامعات وطنية، وجميعها تحمل اسم البحرين عاليًا في الداخل والخارج، والكثير منها تمكن من اجتياز تزكيات وضوابط الجودة، والحصول على الاعتمادية الأكاديمية المعتبرة، يبقى فقط أن تمنح جامعاتنا الخاصة ما تحصل عليه الجامعات الأخرى من تسهيلات، من برامج ومقررات، من تسويق مستحق لدى حكومات المنطقة، حتى يعود الطلبة الأشقاء من كل بلدان الخليج وخارجها إلى البحرين للدراسة، لتلقي العلوم والآداب والفنون، هنا يمكن أن نكون كما الآخرين، نحقق للدخل القومي وللناتج المحلي الإجمالي ما حققته أستراليا، ولِمَ لا؟! نحن نمتلك من البُنى الأساسية والتقنيات التكنولوجية والجامعات المعتمدة والإطار الرقابي والإشرافي المتقدم جدًا ما يؤهلنا لكي نستقبل 20 أو 30 ألف طالب وافد سنويًا، وهو ما يحقق لنا دخلًا لا يقل عن مليارَي دينار بحريني سنويًا قابلة للزيادة بمرور الوقت.

أستراليا أو أميركا أو بريطانيا أو نيوزيلندا لم تبدأ من فراغ ولم تنته إليه، لكنها اعتمدت على إرادة مخطط، وبصيرة دولة، وقدرة قطاع خاص، ثم حصان عفي أمام عربة قديرة، وهذا هو ما نملكه بعون الله وفضله، والله الموفق والمستعان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية